نعيش في عالم متعدد الثقافات والعادات والتقاليد التي تختلف حسب المجتمعات وموروثها الثقافي الممتد عبر الأجيال، والتقارب بين الثقافات رغم الاختلاف أمر مهم لفهم الآخر والتعامل معه ضمن المشتركات التي لا بد وأن تكون موجودة بصيغ مختلفة.

وفي خطوة تعزز العلاقات الثقافية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، يأتي العام الثقافي السعودي - الصيني كإحدى المبادرات الرائدة التي تعكس الأهمية المتزايدة للثقافة كوسيلة لتعزيز التفاهم المشترك وتوطيد العلاقات بين الشعوب. هذا العام الثقافي يمثل احتفالًا بالإرث الحضاري لكلتا الدولتين وفرصة لتبادل الأفكار والتجارب في مجالات الفنون، والأدب، والموسيقى، والابتكار.

العام الثقافي السعودي - الصيني هو أكثر من مجرد احتفال ثقافي؛ إنه منصة للتواصل الحضاري بين ثقافتين غنيتين بالتاريخ والتراث. يهدف البرنامج إلى تسليط الضوء على القيم المشتركة التي تربط الشعبين، مثل: احترام التنوع الثقافي، والابتكار، والعمل المشترك من أجل مستقبل أفضل. كما يسعى إلى تعزيز الفهم المتبادل وتعميق الشراكات الثقافية التي تفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مختلف المجالات.

العام الثقافي المشترك بين الدولتين هذا العام يشمل مجموعة واسعة من الفعاليات التي تعكس التنوع الثقافي لكل من السعودية والصين.

المناسبات الثقافية المماثلة وسيلة من الوسائل الناجعة للتقريب بين الشعوب والانفتاح عليها، فالثقافتان السعودية والصينية ثريتان بتنوعهما وأصالتهما، وستلعبان دوراً محورياً في نجاح العام الثقافي، ومن خلال التعاون مع الجامعات والمراكز الثقافية في كلا البلدين.

العام الثقافي السعودي - الصيني يؤسس لبداية لمرحلة جديدة من التعاون الثقافي المستدام، يُتوقع أن تثمر هذه المبادرة عن مشروعات طويلة الأمد مثل: إنشاء مراكز ثقافية مشتركة، وتطوير برامج تعليمية لتعليم اللغة الصينية في السعودية، وتعليم اللغة العربية في الصين.

كما أن هذا العام الثقافي يعكس رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تعزيز الثقافة كإحدى ركائز التنمية المستدامة، وتوسيع نطاق التعاون الدولي.

وفي هذا الإطار وقّع الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة، مع نظيره وزير الثقافة والسياحة الصيني سون يالي مؤخراً في بكين، البرنامج التنفيذي لإقامة العام الثقافي السعودي - الصيني 2025م بين وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية، ووزارة الثقافة والسياحة في جمهورية الصين الشعبية.

ويسعى البرنامج الذي يندرج تحت مظلة مذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين في شهر مارس من العام الماضي 2024م إلى إقامة العام الثقافي السعودي - الصيني العام الجاري، وذلك لترسيخ الروابط التاريخية بين الشعبين الصديقين، والتعريف بالإرث الثقافي والحضاري للمملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، من خلال تنظيم الفعاليات والمهرجانات الثقافية، إضافة إلى تنفيذ أنشطة وبرامج ثقافية مشتركة لتسليط الضوء على عمق العلاقات الثقافية السعودية - الصينية.

ويأتي توقيع هذا البرنامج في سياق حِرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي باعتباره أحد أهدافها الاستراتيجية، تحت مظلة رؤية المملكة 2030، وتوطيدًا للعلاقات الوثيقة التي تربط المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية في مختلف المجالات التنموية، التي شهدت نموًا وتطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة.

العام الثقافي السعودي - الصيني هو شهادة على قوة الثقافة كأداة لبناء جسور التفاهم والتعاون بين الشعوب، من خلال استكشاف القواسم المشتركة والاحتفاء بالاختلافات، يمكن للملكة والصين أن تفتحا صفحة جديدة من العلاقات الثقافية التي تسهم في تعزيز الرخاء والازدهار لكلا البلدين، هذا العام هو دعوة للاحتفاء بالإبداع والتعاون، ولرؤية مستقبل مشرق بين البلدين الصديقين.