أعلن البنك المركزي السعودي «ساما» عن عدم الممانعة للبنك الرقمي الجديد «دال ثلاثمائة وستون D360 bank» على بدء مزاولة عملياته المصرفية في المملكة العربية السعودية، لينضم إلى بنكين آخرين قد سبق وأن تم الترخيص لهما بالعمل في المملكة، وهما: «بنك إس تي سي» و»فيجن بنك»، لتصبح لدينا ثلاثة بنوك رقمية إلى جانب 34 بنكا تقليديا (11 محليا و23 أجنبيا).

تأتي خطوة الترخيص لثلاثة بنوك رقمية لممارسة أعمالها المصرفية في المملكة، انسجاماً ووفق إطار أهداف «ساما» الرامية إلى دعم استقرار القطاع المالي وتعزيز الثقة به، ودعم النمو الاقتصادي والمنافسة في القطاع المصرفي، بما يعكس قوة ومتانة وجاذبية القطاع المصرفي بشكل خاص، والاقتصاد السعودي بشكل عام.

إن مواصلة البنك المركزي السعودي ببذل الجهود لتعزيز قوة ومتانة وجاذبية القطاع المصرفي، يساند ويدعم إسهاماته في تحقيق رؤية السعودية 2030 ومستهدفاتها الوطنية، وبتحديد أكثر وأوضح، مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي، أحد برامج الرؤية، الذي من بين أهدافه زيادة قوة وفاعلية المؤسسات المالية السعودية، التي من بينها البنوك التجارية العاملة في المملكة، لخدمة الاقتصاد الوطني وأغراض التنمية.

كما أن مواصلة البنك المركزي السعودي لجهوده الساعية إلى تعزيز قوة ومتانة القطاع المصرفي، سيُسهم في الحفاظ على استقرار وتطوير النظام المصرفي في المملكة بشكلٍ خاص والقطاع المالي بشكلٍ عام، مما سيساعد على تحقيق طموحات برنامج تطوير القطاع المالي، الساعية إلى تطوير الخدمات المالية في المملكة، واستثمار التقنيات التي تعمل على تحسين التجربة المصرفية لكافة عملاء المصارف بمختلف فئاتهم وتقسيماتهم الداخلية بالمصارف تبعاً لنوعية وطبيعة التعاملات المصرفية. تجدر الإشارة إلى أن التوسع في التعاملات الرقمية، سيساعد على تعزيز مفهوم وتطبيقات «الشمول المالي»، الذي وفق مفهوم مجموعة البنك الدولي؛ «تمكين الأفراد والشركات من الوصول إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار معقولة تلبي احتياجاتهم - معاملات ومدفوعات ومنتجات ادخار وتسهيلات ائتمانية وقروض وخدمات تأمين)، ويتم تقديمها على نحو مسؤول ومستدام».

وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن البنوك الرقمية تَعتمد في تقديم خدماتها المصرفية لعملائها عبر منصات إلكترونية من خلال الشبكة العنكبوتية «الإنترنت»، وهذا هو ما يميز البنوك الرقمية عن البنوك التقليدية، التي تُقدم خدماتها المصرفية لعملائها عبر شبكة من الفروع في الأساس، ولكن بالنسبة للبنوك السعودية فواقع الحال مختلف تماماً، كونها تقدم خدمات مصرفية هجينة، تتيح للعملاء الوصول للخدمات المصرفية المختلفة من خلال شبكة فروع مدعومة بقنوات إلكترونية متعددة، كالتطبيقات البنكية، والأجهزة المحمولة، وأجهزة الصراف الآلي والقنوات الرقمية الأخرى.

يُذكر أن أول ظهور لأول بنك رقمي على مستوى العالم، هو بنك مونزو (Monzo) البريطانى، الذي نشأ كأول مصرف ذكى دون فروع تقليدية، وأصبح لديه أكثر من 800 ألف عميل.

من المهم جداً الإشارة إلى أن البنوك الرقمية في المملكة تخضع وكما هو بالنسبة للبنوك التقليدية العاملة في المملكة لمتطلبات الإشراف والمراقبة البنكية من قبل البنك المركزي السعودي، فيما يتعلق بمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إضافةً إلى المخاطر التشغيلية.

دون أدنى شك أن ترخيص البنك المركزي لثلاثة بنوك رقمية لمزاولة الأعمال المصرفية في المملكة، سيعزز من التعاملات الرقمية بالقطاع المصرفي السعودي بشكل خاص والقطاع المالي بشكل عام، وسيكون محفزاً أيضاً للبنوك التقليدية بتطوير تعاملاتها الرقمية، وبالذات وأنه وفقاً للحملة الإحصائية الأخيرة التي قامت بها الهيئة العامة للإحصاء، الكشف عن أن 63 % من المواطنين السعوديين هم دون 30 عاماً، و35 % من غير السعوديين هم دون 30 عاماً، والذين هم بطبيعة الحال يفضلون التعاملات المصرفية الرقمية عن التعاملات المصرفية التقليدية.

ولكن وبالرغم من التوسع المحمود في الترخيص للبنوك الرقمية، كونها تُمكن العملاء من الحصول على الخدمات المصرفية بأنوعها المختلفة دون الحاجة للذهاب للفروع، إلا أن الموازنة بين وجود بنوك رقمية وأخرى تقليدية، يُعد مطلبا منطقيا ومحمودا أيضاً، وبالذات وأن هناك فئة من العملاء لا تزال تفضل التعامل مع البنوك التقليدية من خلال شبكة الفروع، إضافة إلى أن البنوك التقليدية قد تكون أقرب للتعرف ولتلمس احتياجات العملاء مقارنة بالبنوك الرقمية، من خلال شبكة الفروع التي تُمكنها من التواصل مع العملاء بشكل مباشر والتفاعل الشخصي معهم، مما يتيح لها بناء علاقة أعمق مع العملاء مقارنة بالبنوك الرقمية التي مؤسسة بشكل أساسي في تقديمها لخدماتها على التكنولوجيا، إضافة إلى أن عدم توفر شبكة للإنترنت أو انقطاعها المفاجئ، قد يؤثر سلباً على قدرة البنوك الرقمية ولو بشكلٍ مؤقت في تقديمها خدماتها لعملائها.