قد تكون ردة الفعل الغاضبة على خسارة المنتخب السعودي أمام شقيقه العماني في نصف نهائي خليجي 26 مبررة ومنطقية عطفًا على تعطش الشارع الرياضي السعودي لإنجاز يعيد شيئًا من الثقة والاعتزاز بمنتخب الوطن، وعطفًا على الآمال التي ارتفعت بشكل كبير بعد الفوز الذي حققه الأخضر أمام المنتخب العراقي في دور المجموعات، وعطفًا على ظروف المباراة التي كانت تسير لصالح منتخبنا منذ بدايتها، وتحديدًا بعد طرد اللاعب العماني المنذر العلوي في الدقيقة 34 وحتى الدقيقة 74 التي قلب فيها المنتخب العماني الطاولة والتوقعات بهدف جاء من كرة ثابتة بعد عجز المنتخب السعودي عن استغلال النقص العماني أكثر من 50 دقيقة؛ لكن الغضب الكبير على النتيجة والخروج لا يجب أن يعمينا عن رؤية إيجابيات هذه المشاركة، واستثمارها خير استثمار لتجهيز المنتخب للهدف الأهم وهو التأهل لكأس العالم 2026!.

المشاركة في خليجي 26 كشفت العديد من السلبيات والأخطاء والدروس التي لم تكن ستكشفها مباريات إعدادية عادية تقام في أيام الفيفا، وكانت أم المصائب أن تكتشفها أمام الصين واليابان، وإن لم يشاهد الفرنسي هيرفي رينارد هذه الأخطاء التي وقع فيها على صعيد التنظيم الدفاعي الكارثي، والاختيارات العشوائية لقائمة الأخضر؛ فإن مهمة التأهل لمونديال أميركا لن تكون مهمة صعبة؛ بل مستحيلة!.

يجب على رينارد أن يحرص خلال الشهرين المقبلين على متابعة كل مباريات الدوري السعودي، لاختيار الأفضل والأجهز من اللاعبين المتألقين بغض النظر عن أسمائهم وأسماء أنديتهم، وأن يستبعد كل لاعب تراجع مستواه وعجز عن تقديم نفسه بشكل جيد في مباريات فريقه، فالمنتخب يجب أن يكون حضنًا لكل لاعب متألق وجاهز فنيًا وبدنيًا، لا أن يكون محطة تجارب واستكشاف للاعبين لم يقدموا ما يشفع لهم بالانضمام للمنتخب، وعلى رينارد أن ينسى الأسماء وأن يكون معياره العطاء والأداء، ومتى ما عاد العمل بهذا المعيار سيكون حال الأخضر أفضل مما كان، أمَّا إن بقي رينارد يراهن على الأسماء دون الأداء فسيظل هو والأخضر معه في خبر كان!.

أتحدث هنا عن مشكلات وحلول الأخضر الآنية والمتاحة، والتي يمكن من خلالها تجاوز الأزمة الحالية والتأهل للمونديال المقبل، ولا أتحدث عن مشكلات الكرة السعودية التي تحتاج إلى مساحة أوسع للحديث عن حالة المواهب المدفونة، والواقع المحزن للفئات السنية في الأندية والمنتخبات، وجودة العمل في اتحاد القدم، وكوارث استعانته بخبرات أجنبية لا تسمن ولا تغني من فشل، وأسباب فشل مشاريع الاحتراف الخارجي، والكثير من الملفات التي يجب أن تُفتَح وتناقش بكل جرأة وتجرد!.

قصف