مثلما نجحت رؤية 2030 في إيجاد اقتصاد سعودي قوي ومتنامٍ، مستثمرةً حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به البلاد، نجحت أيضاً في إيجاد سوق عمل نموذجي، يتمتع بكل عناصر الجاذبية والأمان الوظيفي، بفضل استراتيجياته المدروسة ورؤيته المستقبلية، التي تجعل من المملكة وجهة مفضلة لكل الباحثين عن فرص مهنية مميزة. وجاء هذا التحول في سوق العمل، نتيجة التغييرات الجذرية التي أحدثتها الرؤية في المنظومة الاقتصادية، في إطار خطط إعادة بناء الوطن على مرتكزات صلبة وقوية.
وفي إطار النهوض بسوق العمل، عملت المملكة على تطوير التشريعات الاقتصادية، لتسهيل دخول المستثمرين والشركات الأجنبية إلى السوق المحلية، وتخفيف القيود على العمالة الوافدة، وهو ما أسهم في تعزيز جاذبية سوق العمل على المستويين الإقليمي والعالمي، وبالتزامن مع ذلك، كانت المملكة تولي اهتماماً كبيراً بتطوير الكفاءات الوطنية من خلال برامج تدريبية مكثفة، وتوجيه استثمارات ضخمة نحو التعليم والتدريب التقني والمهني لرفع كفاءة القوى العاملة الوطنية.
وعملت المملكة أيضاً على تعزيز تنافسية سوق العمل، وتحويل البلاد إلى بيئة متكاملة، تستقطب أفضل الكفاءات من الداخل والخارج، يضاف إلى ذلك، تأثير تطوير الجانب الاقتصادي للمملكة، الذي دفع الشركات في السوق السعودي، إلى تقديم رواتب وحوافز تنافسية، تُعد من الأعلى في المنطقة.
ولا يمكن تغافل تأثير برنامج وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لحماية الأجور للعمالة المنزلية، الذي جاء في إطار سعي الوزارة لحفظ حقوق أطراف العلاقة التعاقدية من العمالة المنزلية وأصحاب الأعمال، وتوثيق عقود التوظيف لتلك العمالة إلكترونيًا، حيث يتم من خلال إصدار بطاقات مسبقة الدفع لرواتب العمالة المنزلية، تحويل الرواتب لحساباتهم البنكية، وضمان تحصيلهم لأجورهم وحمايتها.
وبمرور نحو ثماني سنوات من عمر الرؤية، بات سوق العمل السعودي نموذجاً حديثاً وفريداً، يعكس إصرار الدولة على تحقيق كل تطلعاتها، معتمدة على التنوع الكبير في الفرص الاقتصادية، التي باتت متاحة لجميع المستثمرين الوطنيين والأجانب، هذه الفرص ليس أولها الفضاء والتكنولوجيا والطاقة، وليس آخرها الترفيه والسفر والسياحة، وهو ما ساعد على إيجاد بيئة عمل غنية ومغرية للعديد من الكفاءات والخبرات.
لم يصل سوق العمل السعودي إلى ما وصل إليه من جودة وريادة، من فراغ، وإنما مما أولته المملكة من اهتمام كبير بقضايا حقوق الإنسان، بمن فيهم العمال الأجانب، وإرساء دعائم حماية هذه الحقوق على المستويين المحلي والدولي، مع مراعاة خصوصية المجتمعات واحترام تعاليم الدين الإسلامي.