لطالما كان سوق العمل السعودي يعتمد بشكل كبير على الأيدي العاملة الوافدة من عدد من دول العالم في عدة قطاعات مختلفة منها الماهرة والمدربة، ومنها ما تفد لنا لسد حاجة بعض القطاعات دون النظر إلى مهارتها وتأهلها للعمل الاحترافي، وهذا النمط أدى إلى تحديات متعددة؛ منها ارتفاع نسب البطالة بين الشباب السعودي وضعف مشاركة المرأة في سوق العمل، وعلى الجانب الاقتصادي ظل سوق العمل السعودي معزولاً نسبيًا عن التنافسية العالمية، مما حدّ من قدرته على المساهمة الفاعلة في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى الأموال التي تحول شهرياً خارج البلاد لعدد من الدول.

في عام 2016، بدأت رحلة التحول الكبرى مع إطلاق رؤية المملكة 2030؛ هذه الرؤية الطموحة والتي حققت لنا الكثير.. والكثير من المستهدفات قبل وصولنا إلى عام الرؤية 2030 وهذه النقلة النوعية التي مثّلت التوجه الاستراتيجي للمملكة. حيث ركزت الرؤية على تمكين الكوادر الوطنية، تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، وتعزيز مشاركة المرأة. كما شملت خططًا لإعادة هيكلة سوق العمل من خلال برامج مثل التوطين والإصلاحات الهيكلية والتشريعية.

وبعد مرور سنوات من الرؤية 2030، وتلك الإصلاحات وبفضل الخطط المدروسة والمبادرات، شهد سوق العمل السعودي تحسنًا كبيرًا، فارتفعت نسب التوطين في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والطاقة، وزادت مساهمة المرأة في سوق العمل بشكل ملحوظ، حيث وصلت نسبة مشاركتها إلى أكثر من 35 %، كما انخفضت معدلات البطالة إلى مستويات تاريخية حيث إن المستهدف 7 % ووصلنا في 2024 إلى نسبة 7.1 %، وبدأت تظهر علامات تحسن في قدرة السوق على جذب الاستثمارات الأجنبية، بفضل تطوير التشريعات وتعزيز الشفافية.

أسهمت هذه الجهود في تحقيق نمو اقتصادي متنوع ومستديم. أصبح سوق العمل السعودي أكثر تنافسية، معززًا مكانة المملكة بين دول مجموعة العشرين، بفضل سياسات تدعم الابتكار والاستثمار في التكنولوجيا، وفي المستقبل، من المتوقع أن يصبح سوق العمل السعودي نموذجًا عالميًا يحتذى به، معززًا ببرامج تدريبية مبتكرة وشراكات استراتيجية مع كبرى الشركات العالمية. تركز على الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأخضر الذي سيضع المملكة في صدارة الدول المبتكرة، مع تحقيق معدلات بطالة شبه صفرية وزيادة ملحوظة في الإنتاجية الاقتصادية.

تولي القيادة الرشيدة -حفظها الله- المواطن جل اهتمامها ورعايتها ودعمها وسوق العمل السعودي هو أحد اهم تلك الموضوعات التي تركز عليها من أجل مستقبل واعد للوطن بأيدي أبنائه وبناته في قفزات نوعية وتغييرات واضحة وتطور كبير.