توضح بيانات الميزان التجاري في نشرة التجارة الدولية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء ليس فقط حجم الصادرات والواردات، وإنما أيضاً أهم شركائنا التجاريين في العالم.
إن البيانات المذكورة تشير إلى إن مجموعة الدول الآسيوية - عدا العربية والإسلامية - قد جاءت على رأس قائمة البلدان التي ذهبت إليها صادراتنا، وبنسبة وصلت إلى 52.2% من الإجمالي. مما يعني أن الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان يعتمد تشكيله بهذا القدر أو ذاك على ما يصل إليهم من بضائعنا، بالمثل، فإن الناتج المحلي الاجمالي في المملكة هو الآخر يعتمد على ما نستورده من هذه البلدان. وخاصة قطاع الأعمال الصناعي الذي يشتري الآلات والمعدات التي يحتاجها لبناء مصانعه ومنشآته من بلدان آسيا.
وتأتي دول مجلس التعاون، كثاني جهة ذهبت إليها صادراتنا. فنسبة صادراتنا إلى أحبابنا وجيراننا في دول المجلس وصلت إلى 13% من إجمالي ما نصدره للعالم. والحديث هنا يدور عن 5 بلدان فقط، وعلى رأسهم دولة الإمارات العربية المتحدة. أي أن متوسط كل بلد من هذه البلدان يصل إلى أكثر من 2% من إجمالي ما نصدره للعالم. وهذه نسبة لايستهان بها، وتعكس مدى التطور الذي طرأ على السوق الخليجية المشتركة. وللمقارنة فإن دول الاتحاد الأوربي البالغ عددهم 27 بلداً كان نصيبهم أقل من دول مجلس التعاون. وهذا أمر مرحب به ومشجع على زيادة التبادل التجاري بيننا وبين أقرب البلدان الينا من كافة النواحي.
طبعاً الشريك التجاري رقم واحد لنا هو الصين. فهذا الأخير منذ زمان وهو يتقدم على غيره في مجال التجارة الخارجية، حيث إن نصيبها وحدها يصل إلى 16% من إجمالي ما صدرناه لكافة بلدان العالم. وجاءت الهند في المرتبة الثانية وبنسبة 9.5%، تليها اليابان 9.4%.
وهكذا، فنحن أمام خارطة ليس فقط لحركة البضائع بيننا وبين البلدان الأخرى، وإنما وهو الأهم أمام خارطة لتوازن القوى في العالم. فالصين والهند وغيرها من البلدان التي تعتمد ليس فقط على الاقتصاد الرقمي وإنما الصناعة والزراعة أيضاً، تتحول إلى قوى يحسب لها ألف حساب، واقتصادات قوية توازن تلك التي كانت، وإلى وقت ليس بعيد، سائدة.
من ناحية أخرى، فإن أمامنا خارطة واضحة لتبادل المصالح بيننا وبقية بلدان العالم. وهذه الخارطة، هي التي سوف تحدد البلدان التي سوف تربطنا بهم علاقات قوية في المستقبل. فهؤلاء الشركاء التجاريين وعلى رأسهم الصين والهند مرشحة لأن تصبح أضخم اقتصادات العالم خلال الخمسة والعشرين عاما القادمة. ولذلك، فإن العلاقة الاقتصادية القوية مع هذه البلدان، من شأنها أن تعطي دفعا قويا لاقتصادنا، وموقع لنا متميز في النظام العالمي القادم- يتفق مع طموحاتنا التي حددها قادة بلدنا.