يتكيّف الإرهابيّون والدول الراعية للإرهاب مع المتغيّرات العالميّة، والتكنولوجيات الجديدة في كلّ مكان، ومن المرجّح أن يشكّل الإرهاب السيبراني المتزايد والتهديدات البيولوجيّة والتقنيّة المزدوجة الاستخدام مع توظيف قدرات الذكاء الاصطناعي، وعلم الأحياء الاصطناعي (Synthetic Biology) تحديات محفوفة بالخطر للدول في العقود المقبلة. ومن خلال الاستخدامات الشيطانيّة لهذه التقنيات، فقد يتّخذ الإرهاب والعنف وجوهًا جديدة وأشكالاً متطوّرة مما هو عليه الوضع اليوم ومن ذلك:
أولًا: الإرهاب السيبراني، حيث من المتوقّع زيادة معدلات الهجمات السيبرانيّة ضد البنى التحتيّة الحيويّة، مثل شبكات الطاقة، أو أنظمة النقل والاتصالات. كما قد يتوسّع ليشمل هجمات سيبرانيّة على أنظمة أسواق الأوراق الماليّة، والأنظمة المصرفيّة. وقد يمتدّ إلى تطوير أساليب تقنيّة معقّدة لمعسكرات التدريب بالواقع المعزّز، وللتخطيط للهجمات.
ثانيًا: استخدام الطائرات دون طيّار (المسيرات) سواء في عمليّات الرصد والمراقبة، أو تنسيق الهجمات، أو لحمل المتفجّرات. ومما يعطي هذه الوسيلة فرصًا أكثر في المستقبل كونها طريقة غير مكلفة نسبيًا، ويسهل الحصول عليها، وتهريبها، وتجميع أجزائها، كما يمكن تعديل بعض الطائرات المعدّة للاستخدامات الترفيهيّة والرياضيّة لأغراض إرهابيّة.
ثالثًا: الإرهاب البيولوجي: وفي هذا الأسلوب يمكن تطوير أسلحة بيولوجيّة جديدة عن طريق تقنيات "البيولوجيا التركيبيّة" واستخدامات البكتيريا الضارة، أو الفيروسات، أو السموم لإحداث الضرر. وهذا النهج المدمّر سيؤدي إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع، وفي أقلّ أحواله سيثير الهلع ويعطل النشاطات اليوميّة (مثل استخدام ما يسمى بالجمرة الخبيثة في الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر).
رابعًا: الإرهاب الإشعاعي "المشعّ"، وهنا يمُكن للإرهابيّين استخدام أجهزة نشر الإشعاع لإنتاج ما يعرف بمسمى "القنابل القذرة" المحمّلة بمواد مشعة، وذلك توظيف الأدوات والأجهزة المستخدمة في العلاج الإشعاعي، أو حفظ الأطعمة، أو اختبار المواد الصناعيّة. وهذا النوع من الإرهاب قد يسبّب أضرارًا كارثيّة على الإنسان، وآثارًا طويلة الأمد على البيئة.
خامسًا: الإرهاب بالمحتوى الرقمي، وهو ما تبدو ملامحه اليوم واضحة في استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات لأغراض إرهابيّة. ومن المرجّح تكثيف وتطوير استخدامات تنظيمات العنف والإرهاب لهذه المنصّات، واستغلال خصائص الخوارزميّات لتغذية التطرّف، والتلاعب بالرأي العام، وتجنيد الأعضاء، وزعزعة استقرار المجتمعات.
سادسًا: الهجمات المنفردة "الذئاب المنفردة": وهي ظاهرة آخذة في التزايد من قِبل أفراد قد لا يتلقّون - بالضرورة - أي توجيه مباشر من منظمات إرهابيّة. ويتجنّد الفرد هنا تلقائيًا انتصارًا لفكرة، أو لإعلان قضيّة، ويقوم بعمله منفردًا، وقد "يهديه" لتنظيم أو جماعة يتعاطف مع أفكارها. ومع هذا النوع من الإرهاب يصعب التنبؤ بعناصره، أو أهدافه أو منعه لأنّ من يقوم به عادة أفراد ليس لديهم سجّلات جنائيّة، ويتحرّكون بدوافعهم الخاصة التي قد تنشأ في أي وقت.
سابعًا: الإرهاب البيئي وهو ذلك النوع من الإرهاب الذي يتم فيه تنفيذ هجمات إرهابيّة منسقة لغرض إحداث تدمير بيئي، مثل مهاجمة ناقلات البترول، أو تفجير خطوط أنابيب الإمداد، والمجمّعات الصناعيّة التي تتعامل مع مواد كيميائيّة حسّاسة.
ثامنًا: تنشيط أشكال جديدة من الإرهاب بالوكالة والذي قد تمارسه الحكومات والدول للضغط وتحقيق أهداف ذات طابع جيوسياسي، وتتضمّن هذه الصورة نشاطات إشعال واستغلال الانقسامات الطائفيّة والعرقيّة والحدوديّة، لإشعال التوترات الإقليميّة وتحريك محفزات الحروب الأهليّة.
(لا أرى) المستقبل ولكني (أشاهد) ملامحه..