أي منصب يشكل تحدياً جديداً وخطوة نحو تجربة جديدة، خاصة مع مجموعة بشرية مختلفة في العمل الثقافي والفني، المسؤول الجديد في المنصب لا شك أنه يسعى إلى الإضافة لرصيده معرفة وعمقاً يحتاجهما لمناشدة التطور، فالمنصب الجديد بالنسبة لأي مسؤول هو محطة وسلسلة من التجارب العملية التي يمر بها ليضع فيه أفكاره ورؤيته الشخصية متواكباً في ذلك مع مرجعيته ومع رؤيته الأشمل التي تشكل المظلة الكبرى له، المنصب المقصود في هذا المقال هو كرسي الرئيس التنفيذي لهيئة المسرح والفنون الأدائية بوزارة الثقافة، غادره وترجل عنه الأستاذ سلطان البازعي، وأتى إليه قادماً الرئيس التنفيذي السابق لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور محمد حسن علوان، حدثت المغادرة والقدوم مع مطلع العام الميلادي الجديد، فمع ختام مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثانية (15 - 26) ديسمبر من العام الماضي ودع البازعي الهيئة والتي كان أول رئيس تنفيذي لها، عاصر الأحلام التي تحققت على أرض الواقع، ودع بعد أربعة أعوام حيث شهد مع الهيئة مرحلة التأسيس والتحديات والإنجازات في آن واحد، لقد كان البازعي بإدارته الناجحة جزءاً من هذا الحراك الثقافي العظيم الذي تشهده بلادنا وبأثر واضح من رؤية المملكة 2030 التي وضعت الثقافة في قلب عملية التنمية والتحول الوطني، هذه الرؤية التي أنشأت وزارة الثقافة ووضعت أسس أول استراتيجية وطنية للثقافة، وضعت بلادنا في صدارة المشهد الثقافي العربي والعالمي، وذلك بإعادة تأطير المخزون الثقافي الهائل الذي نمتلكه في حاضرنا وماضينا، والذي نتج عنه إنشاء الهيئات الثقافية الأحد عشر كنموذج فريد على مستوى العالم، لغرض تسريع نمو القطاعات الثقافية لكي تحقق المستهدفات والتي من أبرزها تكثيف المعروض الثقافي الرفيع المستوى لمواطني المملكة والمقيمين فيها وتقديم الصورة الحقيقية لثقافتنا العربية والإسلامية للعالم، بما يعزز مكانة بلادنا ويشجع الحوار البناء القائم على الفهم العميق مع بقية ثقافات العالم، هذا أمر شكل فرصة تاريخية للجيل السابق من المثقفين والمسرحيين لأن يلمسوا تحقيق ما حلموا به طويلاً، على الجانب الآخر بالنسبة للدكتور علوان فإنه يرى أن هيئة المسرح والفنون الأدائية هيئة منجزة ناجحة قدمت الكثير لخدمة المثقفين والفنانين المسرحيين، مؤكداً أنه سيسعى للعمل مع زملائه العاملين بهيئة المسرح والفنون الأدائية للحفاظ على مكتسبات الهيئة والانفتاح على آفاق التطوير المستمر والدؤوب، ومؤكداً أيضاً أنه يستشعر المسؤولية التي شرفته القيادة بتحملها وأن المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، لقد كانت كلمة الوداع عند الأستاذ سلطان البازعي ليلة ختام مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثانية، كلمة حملت مزيجاً من المشاعر العاطفية والرؤى الثقافية، وكانت مشاعر المسرحيين في ختام مهرجانهم أيضاً مزيجاً بالمشاعر العاطفية والرؤى الثقافية، لقد كانت ليلة وداع سلطان وقدوم علوان فيها التسليم والاستلام لراية المسرح والفنون الأدائية.