كان تدشين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل، مركز التميز لإنتاج السلمون بحائل التابع لوزارة البيئة والمياه والزراعة، ممثلة بـ»البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة الحيوانية والسمكية»، يمثل طفرة نوعية في الاستزراع السمكي، لنوعية فريدة من الأحياء المائية التي تعيش في المناطق الباردة، وفي المقابل مناخ المملكة حار جاف في فصل الصيف، وبارد ولكنه غير غزير الأمطار شتاء، فكيف تتحقق المعادلة بين المناخين؟.
إنجاز كبير يدعو للإعجاب، لأن مشروع أبحاث أسماك السلمون بمركز التميز لإنتاج السلمون، يعد مشروعاً نوعياً في هذه المنطقة، ونموذجًا يُحتذى به في التنمية المُستدامة والأمن الغذائي، كما يهدف إلى دعم البحوث التطبيقية لتطوير قطاع الاستزراع المائي الداخلي، ويدعم مستهدفات رؤية 2030 لرفع الإنتاج المحلي من الأسماك التي يتم استيرادها بالكامل من الخارج، حيث يتم استيراد قرابة 25 ألف طن سنوياً، والمستهدف إنتاج ما يزيد على 10 آلاف طن سنوياً، لتخفيف فاتورة الاستيراد الخارجي.
إن التجربة رائدة وتدعو للفخر بحق، لعبقرية القرار وجرأته، خاصة في اختيار الموقع، وقبول التحدي البيئي، الذي يقترب من المستحيل، فلم نجد مشروعاً مشابهاً لهذه النوعية من السماك يتم استزراعها في بيئة صحراوية قاسية، وفي حال تحقيقها النجاح المنشود والمخطط له بدقة، سيسهم في فتح آفاق جديدة لتكرار التجربة في أمور أخرى، لا تقل أهمية عنه؛ لتحقيق منظومة الأمن الغذائي في المملكة، وتنويع مصادر الدخل، وفتح بوابات التصدير أمام منتجات سعودية عالية الجودة.
إذا تحدثنا عن مركز التميز لإنتاج أسماك السلمون، فسنجده يقع في منطقة القاعد بحائل على مساحة 10 آلاف متر مربع منها 4,352 متر مربع مساحة مبني المفرخ والمزرعة السمكية و1,000 متر مربع مساحة وحدة الزراعة الأحيومائية «أكوابونيك»؛ ومن خلال التخطيط سيصبح المشروع نقطة انطلاق نحو تأسيس مدينة للإنتاج الغذائي المستدام مع تعزيز دور القطاع الخاص في الاستثمار بمشاريع ذات قيمة مضافة كبيرة، وجعل منطقة حائل نموذجًا يحتذى به في التنمية المستدامة والأمن الغذائي، وتوسيع الآفاق المستقبلية لاستثمارات القطاع الخاص في القطاع السمكي والزراعي بالمملكة، وتقليل إجمالي الاستيراد السنوي من أسماك السلمون.
من الإيجابيات التي يجب الإشادة بها، نجاح منظومة البحث العلمي في المملكة، وجامعاتها في تهيئة تلك البيئة، لتناسب استزراع نوعيات سمكية نشأت في مياه باردة متجمدة في كثير من الأحيان، كما يكمن التحدي في رعاية الأمهات، ووحدة التفريخ والفقس، ثم التحضين لليرقات، والتربية والنمو، والزراعة الأحيومائية «الأكوابونيك»، وصولاً إلى مرحلة الأحجام التسويقية المحلية والعالمية، تلك تحديات نجح البحث العلمي السعودي في مواجهتها، فظهر المشروع الرائد إلى النور، وحالة من الترقب والسعادة في نفس الوقت تكتنف الجميع، فإذا كانت المقدمات مدروسة ومخطط لها جيداً، فإن النتائج - بفضل الله - ستكون جيدة ومرضية، ومشجعة على تكرار تلك التجارب الفريدة، لتعزيز الأمن الغذائي في المملكة، ودعم البحوث التطبيقية لتطوير قطاع الاستزراع المائي الداخلي، وتحسين الإنتاجية وتعزيز الاستدامة، وتحقيق استراتيجية وزارة البيئة والمياه والزراعة لتحقيق تنمية مستدامة، ودعم مُستهدفات رؤية 2030 لرفع الإنتاج المحلي من الأسماك، بالاعتماد على تقنيات متقدمة في الأنظمة المغلقة، وتدوير المياه وإعادة استخدامها بكفاءة.
وتكمن عبقرية هذا المشروع في طاقته الإنتاجية، واشتماله على مفرخة بإنتاج سنوي 5 ملايين من صغار أسماك السلمون؛ لدعم الإنتاج المحلي للوصول إلى 10,000 طن سنويًا، إضافة إلى وحدة زراعة مائية بطاقة إنتاجية تبلغ في المرحلة الأولى 10 أطنان سنويًا من النباتات المثمرة والخضروات، وفي المرحلة الثانية سيتم التوسع لإنتاج 30 طنًا سنويًا.