رغم ما شهده الاقتصاد العالمي من صعوبات وتحديات عديدة خلال العام الماضي 2024، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر؛ استمرار المخاطر الجيوسياسية العالمية، واستمرار تشديد السياسة النقدية لاحتواء معدلات التضخم وارتفاع مستويات الدين العام، إلا أن الاقتصاد السعودي ظل صامداً أمام تلك التحديات، محققاً نتائج ومؤشرات اقتصادية مميزة.
من بين تلك النتائج والمؤشرات الاقتصادية المميزة التي تحققت خلال العام الماضي؛ المساهمة التاريخية للأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي التي نمت مساهمتها لتصل إلى 52 %، عاكسة بذلك نجاح سياسات التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الحكومة السعودية منذ انطلاق رؤية السعودية 2030 في عام 2016، والتي هَدفت إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل القومي، من خلال تعزيز مساهمة القطاعات والأنشطة الاقتصادية غير النفطية في الناتج المحلي غير النفطي، كقاع السياحة، وكقطاع الصناعة، وقطاع التعدين وغيرها من القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى.
ومن بين التطورات الاقتصادية والمالية أيضاً التي شهدها العام الماضي، وبالتحديد على مستوى المالية العامة، توقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات المالية حوالي 1,230 مليار ريال، بارتفاع تبلغ نسبته 4.9 % مقارنة بالمبلغ المعتمد بالميزانية والبالغ 1,172 مليار ريال سعودي، وذلك نتيجة لتأثير نمو الإيرادات غير النفطية، التي نمت بنسبة 4.2 % حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي، إضافة إلى نمو الاستثمار الخاص بنسبة 4.5 % والاتفاق الاستهلاكي الخاص بنسبة 2.4 % والائتمان الممنوح للقطاع الخاص بنسبة 11.7 %.
من بين التطورات المالية كذلك على مستوى المالية العامة، تَوقع أن يبلغ إجمالي النفقات للعام 2024 حوالي 1,345 مليار ريال، بارتفاع تبلغ نسبته 7.5 % مقارنة بالنفقات المعتمدة بالميزانية والبالغة 1,251 مليار ريال سعودي، والتي تُعزى إلى استمرار الحكومة السعودية في انتهاج سياسة الإنفاق التوسعي، والتي شِملت الخدمات الأساسية، وبرامج ومشاريع الرؤية، والإنفاق على القطاعات الاستراتيجية والمناطقية والمشاريع الكبرى.
من بين أبرز التطورات والمؤشرات الاقتصادية التي تحققت العام الماضي، انخفاض معدل التضخم إلى أدنى مستوى تاريخي له، مُسجلاً 1.5 % في يوليو 2024 مقارنة بمعدل 2.3 % بنفس الشهر من العام 2023، نتيجة لاستمرار الدولة دعم العديد من السلع، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر؛ الوقود، إضافة إلى وفرة السلع بالأسواق والرقابة المشددة على الأسواق منعاً للتلاعب بالأسعار.
معدل البطالة بين السعوديين، شهد هو الآخر انخفاضاً تاريخياً غير مسبوق، مسجلاً 7.1 % بالربع الثاني في العام الماضي مقارنة 12.5 % في عام 2016، وكذلك ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل لتصل إلى 35.5 % مقارنة بالنسبة المستهدفة 30 %، مما استلزم تعديل الهدف إلى إلى 40 % بحلول عام 2030.
النجاحات التي تحققت في سوق العمل، عَكست جهود منظومة العمل، التي تقودها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للدفع بجهود توظيف المواطنين السعوديين من الجنسين وتمكين المرأة، إضافة إلى مساعدتهم في البحث عن الوظائف من خلال المنصة الوطنية الموحدة للتوظيف "جدارات"، وكذلك المساهمة في التدريب والتأهيل وتحمل صندوق التنمية البشرية "هَدف" لجزء من تكاليف التوطيف عن شركات القطاع الخاص، الذي قدّم خلال النصف الأول من عام 2024، دعماً شَكل توظيف 220 ألف مواطن ومواطنة بقيمة بلغت 2.3 مليار ريال.
ومن الإنجازات المبهرة التي تَحققت في القطاع السياحي، تَصدر المملكة مجموعة العشرين في نمو عدد السياح الدوليين منذ بداية العام الماضي وحتى شهر يوليو من نفس العام بزيادة وقدرها 10 % مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، حيث استقبلت المملكة 17.5 مليون سائح من الخارج، بزيادة بلغت 73 % مقارنة بالعام 2019.
كما ونجحت الجهود السعودية في جذب استثمارات أجنبية مباشرة، حيث بلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر 21.2 مليار ريال خلال النصف الأول من العام الماضي، وزيادة عدد التراخيص الاستثمارية بنحو 71.5 % لتصل إلى 9695 ترخيصًا، ووصول عدد المقرات الإقليمية للشركات العالمية في المملكة إلى 540 شركة، متجاوزاً بذلك المستهدف البالغ 500 شركة بحلول عام 2030.
ومن بين الأحداث السارة التي حدثت في العام الماضي، فوز المملكة باستضافة معرض الرياض إكسبو 2030 وكذلك استضافة بطولة كأس العالم 2034، بالتزامن مع فعاليات للقطاع الخاص التي عقدت محلياً على مستوى المملكة والتي تجاوز عددها 7000 فعالية أسهمت في دعم الاقتصاد الوطني.
ومن بين الأحداث السارة أيضاً في مجال النقل داخل المدن، تدشين قطار الرياض بأكثر من مسار ومحطة، وكذلك حصول المملكة على تقيمات ائتمانية مرتفعة في مستوى (A) من وكالات تقييم ائتماني مرموقة، مثل موديز، فتش، واس آند بي مع نظرة مستقبلية إما مستقرة أو إيجابية.
أخيراً، وليس آخراً، كان للتصنيع والتعدين دوران مهمان العام الماضي في دعم التنوع الاقتصادي في المملكة، حيث على سبيل المثال ارتفعت قيمة الاستثمارات المتوقعة في مجال التعدين من 5 تريليونات ريال سعودي إلى 9.5 تريليونات ريال سعودي نتيجة للمسح الجيولوجي لأكثر من 700 كيلو مربع بجزء الدرع العربي الذي يمر بعدد من مناطق ومدن المملكة.
وفي مجال التصنيع فقد تجاوز عدد المصانع الجديدة التي دخلت حيز التشغيل في العام الماضي أكثر من 300 مصنع، في حين تجاوز عددها الإجمالي بنهاية العام 12000 مصنع بحجم استثمارات تجاوزت 1,300 تريليون ريال.