أثناء زيارتي مؤخرا لإحدى الدول المجاورة، استوقفتني تجربة إنسانية مميزة تجسدت عند مداخل المراكز التجارية، حيث كانت الكراسي الكهربائية والعادية وعربيات الأطفال متوفرة مجانًا لخدمة الزوار. لفت نظري كبار السن الذين كانوا يتجولون بمفردهم، بحرية وكرامة، دون الحاجة إلى مساعدة أحد أو الشعور بأنهم عبء على مرافقيهم. هذا المشهد لم يكن مجرد توفير خدمة، بل كان تعبيرًا عن احترام عميق لاحتياجات الأفراد، بغض النظر عن أعمارهم أو ظروفهم.

على الجانب الآخر، تأملت واقع بعض الوجهات الترفيهية الكبرى لدينا، مثل “البوليفارد وورد” ، حيث يختلف الحال تمامًا. رغم اتساع هذه الأماكن الذي يجعل التنقل داخلها تحديًا، خاصة لكبار السن، فإن توفير الكراسي الكهربائية أو العادية ليس مجانيًا. بل تصل أسعارها إلى 70 ريالًا للكهربائية و50 ريالًا للعادية في الساعة الواحدة، وإذا اضطررت لإرجاع الكرسي في مدخل مختلف، تُفرض عليك رسوم إضافية بقيمة 25 ريالًا.

هذا الواقع يُظهر فجوة في فهم احتياجات الزوار، خاصة كبار السن، الذين قد تكون مثل هذه الرسوم عقبة أمام تمتعهم بتجربة مريحة ومستقلة. في أماكن تستهدف الجميع، من العائلات إلى الأفراد من مختلف الأعمار، ينبغي أن تكون الأولوية لتقديم خدمات تضمن الشمولية والراحة، دون إرهاق مادي أو نفسي. تجربة الدولة المجاورة قدمت مثالًا بسيطًا لكنه عميق التأثير، حيث تعكس التفاصيل الصغيرة مثل هذه احترامًا حقيقيًا لاحتياجات الإنسان. ربما آن الأوان لأن نستفيد من مثل هذه المبادرات في تصميم أماكننا العامة، بحيث تصبح أكثر احتواءً للجميع، وتُظهر التقدير الذي يستحقه كل فرد، خاصة كبار السن، الذين يجب أن يشعروا بأنهم جزء من المجتمع لا عبء عليه.