بمجرد أن تقترب من أي محطة لـ»قطار الرياض»، تشاهد الازدحام، وحركة المشاة، وطوابير القهوة، وحياة مليئة بالحركة على جوانب الطرق بشكل لافت وجميل.
ويبدو أن التخلي عن السيارات وضغط ازدحام الشوارع أعطى الحياة جودة، وحفز الناس على الخروج والتنزه والاستمتاع، وحرك المطاعم والمقاهي المجاورة للمحطات.
ولم يقتصر القطار على تحريك النشاط الاقتصادي فحسب، إنما حرك الأجساد أيضاً، ودفع الناس إلى المشي والحركة، وأعاد تعريف نمط الحياة في المدينة، ووفر حلاً بديلاً للأفراد الذين يريدون التنقل السريع والفعال والوصول إلى وجهاتهم بشكل مرن.
وأعتقد أن قطار الرياض ألهم الناس تغيير نمط حياتهم بشكل ملموس، وهذا نلاحظه حالياً، إذ تحولت المحطات ومحيطها إلى مراكز جذب اقتصادي تنبض بالحياة مع تدفق عدد كبير من الركاب يومياً، وأصبحت التجربة مرنة، ازدهرت الأنشطة التجارية على أطراف المحطات. بل أيضاً عزز المحتوى المتخصص في المطاعم والمقاهي، وتحولت إلى مقصد يومي للكثيرين، إضافة إلى أن مراكز التسوق المعروفة شهدت انتعاشاً غير مسبوق.
هذا الانعكاس الإيجابي هو بحد ذاته نجاح كبير، على الرغم من أن عدداً من المحطات لم تفتتح حتى الآن. ومع الأيام وربما الأشهر المقبلة، سنلاحظ اعتماداً شبه كلي على التنقل بالقطار، خصوصاً في بعض المناطق مثل وسط العاصمة التي تشهد كثافة مرورية، وفيها صعوبة في إيجاد مواقف سيارات قريبة من مراكز التسوق أو الأماكن التي يحبها الناس، مثل منطقة قصر الحكم.
على الجانب الموازي، استخدام تطبيق «درب» الذي يشرح بسلاسة كيفية الوصول إلى الوجهة دون عناء، باستخدام الحافلات أو القطار، فضلاً عن إتاحة خدمة التوصيل المجاني إلى المحطات. هذه عوامل تحفز على عدم استخدام السيارة، إذا وضعها المستخدم في ميزان المقارنة بينها وبين استخدام وسائل النقل العامة، أما من الناحية الصحية، فلا شك أن له أثراً واقعياً ومشهوداً على حياة مستخدمي القطار. شجع على المشي والتنقل النشط، وربما فعل ما لم تفعله حملات التوعية بأهمية المشي، فالخطوات اليومية التي يقطعها الركاب للوصول إلى المحطات أو التنقل بينها أصبحت جزءاً من الروتين الصحي الجديد، ما يعزز نشاطهم البدني، ويحسن لياقتهم، كما يُحسن الصحة النفسية عبر تقليل التوتر الناتج عن ازدحام الطرق وتأخر الوصول.
القطار أداة حضارية لتحسين جودة الحياة على الأصعدة كافة، وهو الأمر الذي يجعله مشروعاً مستداماً له انعكاسات طويلة الأمد على اقتصاد وصحة المجتمع.