منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا والمملكة تبادر بمساعدة الدول الشقيقة والصديقة في الأزمات المختلفة، وترى أن ما تصنعه في هذا المسار يأتي من صميم واجباتها ومبادئها التي أرساها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، ولعل استضافة المملكة لأعمال الاجتماع الوزاري الموسع لوزراء خارجية الدول العربية والدولية بشأن سوريا خير مثال على رسوخ هذه المبادئ.
استضافة الرياض للاجتماع هي بمثابة تأكيد جديد على ريادة المملكة ودورها المحوري في المنطقة والعالم، باعتبارها دولة مُحبة للسلام، وراعية لكل مؤتمراته واجتماعاته ومناسباته، طالما أنها تصب في صالح استقرار الدول وأمن الشعوب، وهو ما يفسر وجود مواقف مشرفة كثيرة للمملكة، استضافت فيها الكثير من هذه المناسبات، وعملت على تحقيق أهدافها بكل حكمة وحيادية، مع ترسيخ العدل والمنطق.
وضمن المبادئ السعودية الراسخة -وكما كان متوقعاً- أكدت المملكة في الاجتماع وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتأييد خياراته في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا، ومساعدته على تحقيق أهدافه بتثبيت أركان الدولة، وتجاوز تحديات المرحلة الماضية بكل تداعياتها، وحتمية بدء صفحة جديدة لإعادة بناء الدولة على مرتكزات قوية وصلبة، تضمن الأمن والسلامة والرفاهية لكل السوريين، وزادت المملكة على ذلك بدعوة المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الشعب السوري، والتعاون معه في كل ما يخدم سوريا ويحقق تطلعاتها، شريطة عدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وبخبرة سياسية ودبلوماسية لم تنسَ المملكة في الاجتماع ذاته أن تستنكر قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالتوسع في الاستيطان في الجولان السوري المحتل، ومواصلتها تخريب فرص استعادة سوريا لأمنها واستقرارها، وأعقبت السعودية هذه الإدانة بدعوة المجتمع الدولي مرة أخرى لإدانة الانتهاكات الإسرائيلية، وضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
الدعم السعودي لسوريا لم يقتصر على المسار السياسي والدبلوماسي وإنما سبقه مسار إنساني، جاء بتوجيه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين –حفظهما الله-، وتبناه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي بادر بتخفيف معاناة الشعب السوري الشقيق عبر تسيير جسر جوي وآخر بري، يحملان الكثير من المساعدات للشعب السوري، وتؤكد المملكة أن هذه المساعدات ليس لها سقف محدد، وأن هذه الجسور ستبقى مفتوحة حتى تحقق أهدافها على أرض الواقع.