تخفي محافظة الحريق بين طياتها أسرارا تاريخية وجمالا طبيعيا يأسر الألباب، قد يوحي اسم "الحريق" للوهلة الأولى بالدمار، لكن خلف هذا الاسم تكمن قصة فريدة تجمع بين خصوبة الأرض والتحديات التي واجهها سكانها في سعيهم لبناء حياة جديدة، فما الأسرار التي تحتفظ بها هذه الأرض الخصبة؟، دعونا نستكشف معا شيئا من عوالم الحريق، حيث يلتقي التاريخ بالطبيعة في لوحة فنية رائعة.

في زيارتنا إلى محافظة الحريق، بصحبة زملاء القلم والفكر، استكشفنا معالمها الاستثنائية التي تعكس ثراء تاريخها وجمال طبيعتها، كانت الرحلة مليئة بالاكتشافات التي أضفت لمسة من السحر على تجربتنا، استقبلتنا المزارع الخضراء التي تزينت بألوانها الزاهية، حيث كانت أشجار النخيل تلوح لنا في الأفق مرحبة تحاكي كفوف أهلها النبلاء. تجولنا بين المساحات الخضراء وتعرفنا على طرق الزراعة التقليدية التي لا تزال تمارس في المنطقة، ما أتاح لنا فرصة التعرف على التراث الزراعي الغني.

سميت المحافظة بهذا الاسم بسبب التحدي الذي واجهه سكانها الأوائل، حيث كان من الضروري إحراق الأشجار الكثيفة المتنوعة ليفسح المجال لبناء منازلهم، تعكس هذه القصة التاريخية العلاقة العميقة بين سكان الحريق وأرضهم السخية والعصية في آن واحد، إذ تتطلب تضحيات بالمكان من أجل بناء الإنسان، يتجسد جمال الطبيعة في كل زاوية، ويتجلى كرم أهلها في عطاء أراضيهم، ما يجعلها وجهة فريدة تجمع بين التراث والطبيعة.

تعتبر المحافظة واحدة من الجواهر الخفية في وطننا الغالي، حيث تتميز بجمالها الطبيعي الخلاب وتاريخها العريق، ما يجعلها وجهة مثالية للسياح من الخارج ومتنفسا لسكان العاصمة، تنتج الحريق مجموعة متنوعة من المحاصيل الزراعية، خاصة التمور والحمضيات، ما يسهم في تعزيز اقتصاد المنطقة بالثراء الزراعي والسياحي، كما أن أجواءها المعتدلة في معظم فصول السنة تجعلها مكانا مناسبا للزيارة على مدار العام.

تاريخ الحريق الغني يظهر بوضوح من خلال المعالم التاريخية المنتشرة فيها، مثل القلاع القديمة والأسواق التقليدية، هذه المعالم تقدم للزوار لمحة عن حياة الأجداد وتقاليد المنطقة، ما يعزز من التجربة الثقافية للزوار، علاوة على جهود البلدية البارزة في إنشاء مواقع جاذبة كالمتاحف والمطلات المتميزة والمشاريع الوشيكة.

يسجل كرم أهالي الحريق بماء الذهب، حيث يعكس ضيافتهم وكرمهم الأصالة والتقاليد العريقة، ولا غرابة فهي قيم وجزء من هويتهم، ما يجعلهم مثالا يحتذى به في الكرم والطيبة، فهم يتسابقون في استضافة الزوار في مزارعهم. وعلى سبيل المثال، مزرعة خضراء التي تشرع أبوابها للزوار، يوميا وبالمجان كوجهة تنزه وسياحة وتقدم منتجاتها كهدايا، إذ لا تباع ولا ترسل إلى الأسواق وفق حديث الشيخ سعد الخثلان، صاحب الفكرة.

إضافة إلى تاريخها، تتمتع الحريق بتضاريس متنوعة، حيث تشكل الجبال والوديان مناظر ساحرة، يمكن للزوار الاستمتاع بأوقات هادئة في أحضان الطبيعة، ما يجعلها ملاذا بعيدا عن ضغوط الحياة اليومية، كما تعتبر الحريق مكانا مفضلا للاسترخاء، مما يجعلها وجهة محببة لعائلات منطقة الرياض وأهالي العاصمة، حيث تمنح نزهات نهاية الأسبوع الزوار الفرصة للاستمتاع بجمال الطبيعة ويوم مليء بالأنشطة العائلية.

لتعزيز السياحة في المحافظة، من المهم زيادة تطوير البنية التحتية السياحية، مثل النزل الفندقية والمطاعم، وتنظيم الفعاليات الثقافية والفنية التي تعكس التراث المحلي وتستقطب الزوار.

إجمالاً، تجمع محافظة الحريق بين التاريخ والطبيعة، وتستحق أن تكون وجهة سياحية مميزة، فجمالها الطبيعي وتراثها الثقافي يجعلها مكاناً فريداً يستحق الاستكشاف، سواء للسياح من الخارج أو لسكان العاصمة الذين يبحثون عن متنفس هادئ وجميل.

ولأرض الخصوبة ارتباط وثيق بشعر العذوبة.. يتمثل ذلك بشاعر الحريق محسن الهزاني الملقب بأمير الغزل النبطي:

بــرق تلألأ قـلـت: عزّ الـجـلالا

أثـره جبين صويحبـي واحسبـه بـرق

مـبـسـم هــيـا له بالظلام اشـتعالا

بـيـن الـبروق وبيـن مبـسـم هيا فرق

قالـوا: تتـوب مـن الهـوى؟ قلـت: لا لا

إلا إن تتوب الشمس عن مطلع الشرق..