تنظيم المؤتمرات أصبح أحد أبرز محركات الاقتصاد، حيث لا يقتصر فقط على الفعالية بحد ذاتها، بل يشمل شبكة واسعة من القطاعات المرتبطة بها، مثل النقل، الضيافة، الخدمات، وغيرها.
والمؤتمرات بجميع أنواعها، بالإضافة إلى كونها تظاهرات لتبادل المعرفة وتعزيز التعاون بين الأفراد والمؤسسات، هي في الوقت ذاته صناعة متكاملة توفر فرص عمل واسعة، وتساهم في تطوير الكفاءات المحلية، وجذب رؤوس الأموال، وخلق الفرص؛ إذ تُظهر البيانات أن كل دولار يُستثمر في قطاع المؤتمرات يعود بعائد اقتصادي يتراوح بين 4 و7 دولارات.
وفي المملكة بلغ حجم سوق المؤتمرات والمعارض 2.6 مليار دولار في عام 2024، مع توقعات بنموه إلى 5.4 مليارات دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي قدره 11 %. هذا النمو الكبير يعكس الطموح لتحويل المملكة إلى مركز إقليمي وعالمي للمؤتمرات، مستفيدة من موقعها الجغرافي الفريد والبنية التحتية المتطورة.
كما تُعد المؤتمرات وسيلة استراتيجية لتعزيز الصورة الدولية للمملكة، حيث تُظهر للعالم قدرتها على تنظيم فعاليات عالمية المستوى وكفاءة البنية التحتية لديها، كما تسلط الضوء على المشاريع العملاقة مثل “نيوم” و"البحر الأحمر"، وهي منصة فعالة لاستعراض التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، وكسب ثقة المستثمرين الدوليين، واستقطاب شراكات جديدة.
وإلى جانب العوائد الاقتصادية، تُسهم المؤتمرات في تحسين جودة الحياة من خلال تطوير البنية التحتية مثل قاعات المؤتمرات وشبكات النقل والضيافة، وخلق فرص عمل جديدة.
كما تسهم المؤتمرات في بناء القدرات الوطنية وتوطين المعرفة؛ فالمؤتمرات الطبية، على سبيل المثال، تُساعد في تطوير مهارات العاملين في القطاع الصحي ورفع الوعي المجتمعي، وكذا المؤتمرات التقنية، إذ تعزز التحول الرقمي وتساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
هذا القطاع الواعد يواجه تحديات عديدة مثل المنافسة الإقليمية، وارتفاع تكاليف التنظيم، إلا أن الاستثمار فيه هو في جوهر رؤية المملكة الطموحة نحو الريادة العالمية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي ومشاريعها العملاقة، لتصبح وجهة رائدة في شتى المجالات.