منذ نشأة المملكة قبل نحو تسعة عقود من الآن، وقادة البلاد يبذلون جهوداً حثيثة، لتكون المملكة وطناً قوياً وراسخاً داخليًا، وفاعلاً خارجيًا، ما دعاهم إلى وضع سياسات حكيمة، ومبادئ قويمة يلتزمون بها، تعمل على تعزيز التوازن بين المصالح الخاصة، والواجبات إقليمياً ودولياً في تناغم عجيب، أثمر خلال فترة وجيزة، عن دولة محورية، ذات ثقل سياسي واقتصادي، فضلاً عن الثقل الديني، باعتبارها مهد الوحي، وحاضنة للحرمين الشريفين.
ثقل المملكة في المجالات كافة، لم يتوقف عند حد معين، وإنما واصل ترسيخ جذوره وتعميق مكانته، إلى أن تبلور مشهد السعودية الحديثة أكثر، فيما مضى من سنوات رؤية 2030، التي وعدت بتقوية أركان الدولة، وإعادة توظيف إمكاناتها ومقدراتها بطرق علمية حديثة، تجعل منها دولة مؤثرة في محيطيها الإقليمي والدولي، وهو ما نجحت الرؤية في تحقيقه على أرض الواقع، من خلال مشاركة المملكة في صناعة القرارات الدولية المهمة، ووضع استراتيجيات وبرامج، تحدد مستقبل الدول، وحياة الشعوب.
وإذا كان دور المملكة مستمراً طوال العام، إلا أنه برز بشكل أوضح خلال الأسابيع الماضية، وجعل البلاد بوصلة لعدد كبير من قادة الدول، وكبار المسؤولين، الذين حرصوا على زيارة المملكة، أو التحدث مع ولاة الأمر والمسؤولين السعوديين، من أجل التنسيق والتشارور بشأن مستجدات الساحة السياسة، ليس لسبب سوى أن للمملكة رأياً يُعتد به، فضلاً عن كونها تلعب دوراً لا يستهان به في صناعة القرار السياسي إقليمياً ودولياً، من خلال علاقات دبلوماسية قوية بالعديد من قادة دول العالم والمنظمات الدولية.
وتزداد أهمية الدور السعودي، مع اتفاق وقف النار في قطاع غزة، من خلال مساعدة شعب فلسطين على إقامة دولته، وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا الدور يأتي امتداداً لجهود المملكة التي استضافت الاجتماع الأول للتحالف العالمي لحل الدولتين، بحضور دبلوماسيين ومبعوثين من أكثر من 90 دولة إلى جانب منظمات إقليمية ودولية، وحرصت السعودية على طرح خطوات عملية لدعم الجهود الأممية، ومساعي السلام، في إطار تحرك استراتيجي سعودي، يعيد القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام الدولي بعد سنوات من التراجع.
وبجانب أمور السياسة، كان للاقتصاد نصيبه الوافر في الحراك الذي تشهده المملكة، بالمشاركة مع دول العالم، من خلال العمل سوياً على رفع مستوى التعاون في المجالات الاستثمارية، وإطلاق مبادرات لتنمية التبادل التجاري، وجذب الاستثمارات، وتفعيل التقنيات الحديثة، مع تعزيز السياحة المتبادلة، واستكشاف ما تزخر به المملكة وبقية الدول من مقومات سياحية.