لعلنا شاهدنا في العام 2024 الكثير من المشروعات الوطنية الرائعة التي تعكس متانة الاقتصاد السعودي وقوة السوق، وكان هناك العديد من التجارب، فهناك من أسس للصناعات الخاصة بالعطور وآخرون بقطاع الغذاء والمطاعم بجانب ظهور الكثير من المهتمين بالتصميم وقطاع الأزياء، ولا يمكن القول إلا "اللهم زد وبارك"، فالوفرة هي عملية عقلية قبل أن تكون شعورا روحانيا بمحبة الخير للغير، وقد لفت نظر الكثيرين كيف تظهر بين فترة وأخرى أفكار مغلوطة تنازع أصحاب الأعمال في رغباتهم وأموالهم التي منّ الله -عز وجل- عليهم بها، فتسمع مثلا: "لماذا هذا يدخل في قطاعات المطاعم هو غير محتاج"، أو من ينتقد نجاح أبناء الأثرياء بعقلية حاسدة مقيتة لا تشبهنا ولا أتمنى أن تتطور أو أن تجد قبولا، بل أعتقد أنها بالفعل أفكار دخيلة تجرد عباد الله مما أنعم عليهم وهؤلاء بنظري قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة.

إن التأمل والفحص الدقيق لسلوكيات المستهلكين يجعلك ترى أن الكثير من القرارات الشرائية يقوم بها الناس بمحض إرادتهم، فلمَ التنمر والتسلط ومحاولة تنميط الأعمال، ولعل هذه العبارة تعيدني إلى بداية كتاباتي الصحافية منذ سنوات عندما وجهت لي كاتبة أخرى هذا السؤال: "لماذا تكتبين أنتِ لست بحاجة إلى المال"، ضحكت يومها وأيقنت أن ليس كل كاتب "كاتب" وليس كل صاحب عمل هو بالفعل رجل أعمال، فمن ينتهي هدفه إلى المال والمال فقط لا يستمر ولن ينجح مهما توهم ومهما حقق من مكاسب فمكاسبه مؤقتة.. شتان بين من يسخر حياته للشهرة وضربات الحظ، وبين من يسعى كل صباح ليجعل حياته وحياة من حوله أسهل وأجمل.

عاشروا أهل المال متى استطعتم وشاهدوا تعاملهم معه، وتمنوا الخير لمن حولكم ولا تكتفوا فقط بالمشاهدة كونوا جزءا من المشهد، نعم نحن اليوم في أعلى درجات الحرية المالية المنضبطة في ظل رؤيتنا العبقرية، بل لم يعد هناك أي عذر للتذمر فأبواب العمل مفتوحه على مصراعيها، وكما قالوا في القديم "الميدان يا حميدان".. فليشمر كلٌ عن ذراعه، وليعمل ويحمل في قلبه الخير، فوطننا يستحق.