بتكاليف مادية تصل تقريباً إلى 300 ألف ريال ومصاريف شهرية تصل إلى 20 ألف ريال، تستطيع الشركات الكبرى وحتى الجهات الحكومية الاستغناء عن المؤثرين الحاليين، وتضمن تقديم محتوى تتحكم فيه ويتناسب معها، بدون الخوف من أخطاء المؤثرين وهفواتهم وتجاوزاتهم أحياناً!

فالبديل للمؤثرين البشريين الذين اشتهر بعضهم من عبارة سخيفة، أو الصدفة، أو أحياناً تجاوز الخطوط الحمراء، البديل وببساطة هم (المؤثرون الافتراضيون) وهم شخصيات رقمية تُصمم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والرسوم المتحركة، يتم التحكم بهم بواسطة فرق متخصصة لتقديم محتوى على منصات التواصل الاجتماعي يشبه تمامًا ما يقدمه المؤثرون البشريون، ويحققون بالوقت الحالي نجاحات كبيرة عالمياً، وعددهم تقريباً 150 مؤثراً، ومن أبرزهم: شخصية (ميكيلا) ولديها أكثر من 3 ملايين متابع على إنستغرام، وشاركت في حملات مع علامات تجارية مثل كالفن كلاين وشانيل، وفي اليابان شخصية (ايما) وهي شخصية افتراضية شهيرة في آسيا، لديها أكثر من 500 ألف متابع، وتعمل مع شركات تقنية يابانية وعلامات تجارية عالمية، و(أيتانا) وهي عارضة أزياء افتراضية يتابعها أكثر من ربع مليون متابع وأرباحها شهرياً أكثر من 50 ألف ريال..!!

عالم افتراضي جديد ومخيف، سيدخل حياتنا في السعودية مثلنا مثل من سبقونا، ونحن أكثر استعداداً لهذا العالم من المؤثرين الافتراضيين لأسباب عديدة حسب الدراسات بهذا الخصوص من أهمها، أن السعودية من بين الدول الأعلى في العالم من حيث معدل استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث يستخدم 98 % من السكان الإنترنت، وكذلك وجود جمهور شاب ومتمرس في التكنولوجيا يجعل السوق السعودي مهيئاً لتقبل المؤثرين الافتراضيين كجزء من التجربة الرقمية، وأيضاً اهتمام الشركات بالتسويق الرقمي حيث بلغ حجم هذا السوق حوالي 6 مليارات ريال في عام 2023، أيضاً العلامات التجارية المحلية والعالمية بالسعودية بدأت بالفعل بالبحث عن طرق جديدة للوصول إلى الجمهور بصورة مبتكرة، وأخيراً وهذا هو المهم إن رؤية 2030 تركز على التحول الرقمي في مختلف القطاعات، بما في ذلك الإعلام والترفيه، والمؤثرون الافتراضيون يتماشون مع هذه الرؤية من خلال تقديم محتوى متطور قائم على التكنولوجيا.

لذا من المهم أن نطور شخصية افتراضية عالية الجودة بتصميم يعكس الثقافة السعودية، رغم أن ذلك يتطلب استثماراً كبيراً، ولكن مهم جداً لدعم التسويق للشركات وكذلك الجهات الحكومية مثل السياحة لتعزيز صورة المملكة عالميًا، أو قطاع التعليم لتقديم محتوى تعليمي تفاعلي، حيث أثبتت الإحصائيات أن الحملات الإعلانية التي اعتمدت على المؤثرين الافتراضيين حققت زيادة في المبيعات بنسبة 25 % مقارنة بالمؤثرين البشريين.

المستقبل القريب يقول: إن المؤثرين البشريين سيكونون مجرد موجة عابرة تحملناهم بكل تناقضاتهم، وستكون التقنية والابتكار حاضرين في المؤثرين الافتراضيين، وهذا سيخفف من الفوضى التي نعيشها بتصدر الكثيرين للمشهد الإعلامي رغم كل سلبياتهم، وستكون الحملات التسويقية أكثر احترافية وأكثر احتراماً لنا حتى لو كانت من افتراضيين.