استمرت أسعار النفط في الارتفاع منذ 20 ديسمبر، مع قرب ولاية ترمب، حيث بدأت الأسواق تحتسب احتمالية أن يفرض ترمب عقوبات صارمة على صادرات النفط الروسية. لكن المفاجأة جاءت من إدارة بايدن التي فرضت هذه العقوبات على جميع مراحل سلسلة انتاج وتوزيع النفط الروسي، من المنتجين والوسطاء الى الناقلات (183 سفينة) والموانئ يوم الجمعة 24 يناير. وشملت الشركات والكيانات المستهدفة؛ شركتا الطاقة المملوكتان للدولة، غازبروم نفت وسورجوتنفت غاز، اللتان صدرتا حوالي 970 ألف برميل يوميًا عبر البحر في اول عشرة اشهر من عام 2024.
وواصلت أسعار النفط ارتفاعاتها خلال الأسابيع الأربعة الماضية، لكنها قفزت بشكل حاد في الأسبوع الأخير، مدفوعة بمخاوف العقوبات التى من المحتمل تقليص فائض عرض النفط بمقدار 700 ألف برميل يوميًا على الاقل هذا العام. وتجاوز برنت 82 دولارًا وغرب تكساس 78.70 دولارًا يوم الأربعاء الماضي، وهو الأعلى في أربعة أشهر. لكنهما تراجعا 1.5 % و1 % يوم الجمعة على التوالي، بعد التوصل الى اتفاق سلام بين إسرائيل وحماس. وعلى المستوى الأسبوعي، ارتفع برنت 1.3 % أو 1.03 دولارًا الى 80.79 دولارًا وغرب تكساس 2.8 % أو 2.13 دولارًا الى 77.88 دولارًا. بدعم من العقوبات الأميركية على النفط الروسي، وانخفاض مخزونات النفط التجارية الأمريكية 2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 10 يناير، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وتزداد المخاوف في أسواق النفط بشأن العقوبات الأمريكية على منتجي النفط، إذا ما فرضت إدارة ترمب عقوبات واسعة النطاق على إيران وفينزويلا، مما سيعرض إمدادات النفط لاضطرابات وخطر تجدد تقلب الأسعار على المدى القريب. وارتفعت أسعار ناقلات النفط الضخمة من الشرق الأوسط إلى الصين بنسبة 39 ٪، في حين تضاعفت تكاليف الشحن من ميناء كوزمينو الروسي إلى شمال الصين بأكثر من الضعف، والذي خلق تحديات لوجستية للمستوردين الرئيسيين مثل الصين والهند، وتحولهما الى شراء كميات أكبر من نفط الشرق الأوسط والأفريقي والأمريكيتين، والذي سيزيد من ارتفاع تكاليف الشحن والأسعار. وفي أول 11 شهراً من العام الماضي، ارتفعت واردات الهند من النفط الروسي 4.5 % إلى 1.764 مليون برميل يومياً أو 36 % من إجمالي واردات الهند. كما ارتفعت واردات الصين 2 % إلى 2.159 مليون برميل يومياً أو 20 % من إجمالي وارداتها خلال الفترة نفسها.
أما إذا ما اقتربت الإدارة الحالية من اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، فقد يسمح برفع العقوبات على نفط روسيا. وتشير الإجراءات التي يتم ترتيبها البيت الأبيض لاجتماع ترمب بالرئيس بوتين الى احتمالية إجراء مفاوضات في الأمد القريب لإنهاء الحرب ورفع العقوبات، مما سيخفض الأسعار. كما ان نشوب حرب الرسوم الجمركية بين الصين والولايات المتحدة، سيؤدي الى تضاءل الهالة الصعودية للخام إلى حد ما. وإذا ما فرض ترمب أيضًا رسوم جمركية على الواردات من الخام الكندي والمكسيكي، فإن هوامش مصافي التكرير الأمريكية ستتقلص في الأمد المتوسط.
ومازالت توقعات أوبك اكثر تفاؤلاً من توقعات وكالة الطاقة بشأن الطلب العالمي على النفط في ظل تحسن النمو الاقتصادي العالمي وبالتحديد في الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وفقًا لصندوق النقد الدولي، واحتمالية استمرار الفدرالي في خفض أسعار الفائدة. لذا أبقت أوبك في تقريرها لشهر يناير على نمو الطلب والعرض دون تغيير، عند 1.45 و1.11 مليون برميل يوميًا في 2025 على التوالي، أي عجز (0.34 مليون برميل يوميًا)، مدفوعًا بشكل أكبر من نمو إنتاج الولايات المتحدة والبرازيل وكندا والنرويج. بينما تتوقع وكالة الطاقة الدولية، أن ينمو الطلب والعرض بمقدار 1.05 و1.8 مليون برميل يوميًا في 2025 على التوالي، أي فائض (0.75 مليون برميل يوميًا)، لكن العقوبات قد تحول هذا الفائض الى عجز.