تدور أحداث المسرحية حول مجموعة من الأشخاص يجدون أنفسهم محاصرين في حلقة متكررة من المشاهد والحوارات التي تعيد نفسها حيوياً، مما يدفع احدى الشخصيات الى الوصول الى مرحلة من الضجر، ويحاول بطل العمل جاهداً كسر حاجز الوقت من خلال إيقاض الاخرين من هذه الحلقة المفرغة والخالية من المعنى، لكنه يواجه صعوبة في إقناعهم بجدوى المحاولة بسبب تباين الشخصيات والآراء، طرح المؤلف عبر النص فكرة رئيسة تحكي صراعات الانسان الداخلية والرغبة غي الخروج من رتابة هذه الحياة الى حياة أكثر فسحة، إذ لابد أن لا يحصر نفسه داخل دائرة ضيقة ويجعل صراعاته الداخلية تحاصره أو تطوق حياته بشكل عام، المخرج للمسرحية استطاع توظيف العناصر الفنية المتمثلة في السينوغرافيا في خدمة النص وتفكيك محتواه واظهاره بصورة واضحة المعالم للمتفرج من خلال أداء الممثلين وحركتهم، في مشهد البداية تظهر الساعة في خلفية المسرح عند 11:55 تعلو تدريجاً، ثم ظهور المدير ببدلة صفراء وزوال الساعة ليظهر رئيسه بالبدلة الحمراء، ويبدأ الحوار والصراع المبكر بينهما وتداخل الأشخاص الأربعة الآخرين مع تقدم الدقائق وتراجعها لتكرار المشهد ببعض المتغيرات، ليبدو للجمهور أن الشخصيات سجينة داخل 5 دقائق فقط، وبالنظر الى هذه المسرحية وعنوانها «طوق» نجد أن الوقت والساعة موضوعات لطالما اثارت خيال الكتاب المسرحيين، حيث يرمزان الى الوجود والفناء والتأمل في طبيعة الزمان والمكان، مثال مسرحية « ساعة اليد» ليوسف ادريس والتي تناولت الزمن كعامل ضاغط على الشخصيات وكانت ترمز للقلق والتوتر، وفي مسرحية طوق ترمز الى الواقع الذي يعيشه الانسان المعاصر الذي اصبح سجيناً لروتين يومي يحطم الاحلام ويمنع من النهوض وتغيير النفس، وما يحدث ليوم من تكرار للغد وبعد الغد وكل يوم، والنص جاء متماسكاً في البنية الدرامية على رغم تكرار الحوارات، لكن تم توظيفها بشكل جيد، كذلك اتقن المخرج في توظيف الساعة مما اعطى للعرض رؤية سينوغرافية متميزة ساعد العرض في الانتقال من مشهد لآخر، وقد كان أداء الممثلين تميز بالاحترافية في ضبط الانفعالات على المسرح، فلم تكن قليلة أو زائدة وهذا ناتج عن انضباطية المخرج في السيطرة على قدرات وطاقات الممثلين، وهذا كله من المؤلف والمخرج والممثلين مع باقي عناصر العمل الفنية جعلهم يحققون جائزة أفضل عرض مسرحي متكامل للمسار المعاصر في مهرجان الرياض للمسرح « 15 حتى 26 ديسمبر 2024» الذي نظمته مؤخراً هيئة المسرح والفنون الادائية بوزارة الثقافة المسرحية من تأليف « أحمد البن حمضه» وإخراج « فهد الدوسري» بطولة «عبدالعزيز الزياني، ماهر الغانم، آمال الرمضان، خالد الهويدي، مروه الشافعي واحمد الذكر الله» سينوغرافيا فيصل العبيد، إضاءة حمد المويجد، موسيقى ومؤثرات صوتية محمد الحمد.