إن اتفاق وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في يناير 2025م يُمثل ثمرة أصيلة من ثمرات العمل العربي والإسلامي المُشترك الذي تقوده المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة –حفظها الله– بكل حكمة واقتدار، وستواصل حتى قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية..
في 15 يناير 2025م أُنجز اتفاق وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي استمر خمسة عشر شهراً ابتداءً من 7 أكتوبر 2023م. وبتوقيع هذا الاتفاق الذي يوقف الجرائم الإسرائيلية وغير الأخلاقية تجاه قطاع غزة وأبنائه من شعب فلسطين، تُستذكر مُجدداً الجهود السياسية العظيمة التي بذلتها المملكة العربية السعودية في سبيل خدمة القضية الفلسطينية، والمطالبة برفع الظلم ووقف العدوان عن أبناء الشعب الفلسطيني الكريم على امتداد تاريخها الممتد لثمانية عقود حتى وقتنا الحاضر. نعم، فإذا كانت سجلات التاريخ تشهد بشرف وعزة للمملكة العربية السعودية بوقفتها العظيمة في سبيل دعم القضية الفلسطينية ونُصرة ومُساندة الشعب الفلسطيني على جميع المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والمادية والمالية والإنسانية، فإن سجلات الحاضر والمستقبل سوف تشهد بفروسية ووفاء وإخلاص وشهامة المملكة العربية السعودية تجاه نُصرة القضية الفلسطينية والسعي الدائم لدعم ومساندة أبناء الشعب الفلسطيني، وذلك انطلاقاً من التوجيهات الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظهما الله-. نعم، ففي الوقت الذي تؤكد فيه القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية على مركزية القضية الفلسطينية على جميع المستويات العربية والإسلامية والدولية، فإنها حرصت أشد الحرص على وجوب وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية على أبناء الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي الفلسطينية، وتصاعد مستوى هذا الحرص مُنذُ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023. وفي سبيل سعيها الدائم للمحافظة على مركزية القضية الفلسطينية في السياسة الدولية، ووقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، دعت القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية قادة الدول العربية والإسلامية لمؤتمر قمة لبحث الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة. واستجابةً للدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله–، عقدت القمة العربية الإسلامية غير الاعتيادية في 11 نوفمبر 2023م بعد شهر واحد من ابتداء الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة في الـ7 من أكتوبر 2023م، حيث تمكنت هذه القمة من توحيد الصف والكلمة والجهود العربية والإسلامية في الدفاع عن القضية الفلسطينية على جميع المستويات الدولية والعالمية. وتأكيداً لريادة المملكة العربية السعودية في الدفاع عن القضية الفلسطينية ووقف العدوان عن أبناء الشعب الفلسطيني الكريم، دعت القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية لعقد قمة عربية إسلامية ثانية في 11 نوفمبر 2024م لتؤكد مُجدداً على مركزية القضية الفلسطينية ووجوب وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والمطالبة برفع الظلم عن أبنائه من الشعب الفلسطيني. نعم، إنها جهود عظيمة بذلتها القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية، وسخَّرت لها الإمكانات والموارد الكبيرة، إيماناً منها بعدالة القضية الفلسطينية وحق أبناء الشعب الفلسطيني في أن يُقيم في دولته ويعيش فيها بكرامته مثل غيره من الشعوب التي حصلت على حقوقها كاملة. وإذا كانت هذه الآمال والتطلعات المستقبلية تعمل عليها المملكة العربية السعودية وتؤكد عليها في جميع المنابر الدولية والعالمية، فإن جهودها العظيمة، والمشتركة مع الدول العربية والإسلامية، أثمرت اتفاقًاً لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 15 يناير 2025م.
نعم، إن المملكة العربية السعودية تبذل جهوداً عظيمة في الدفاع عن القضية الفلسطينية انطلاقاً من أصالة قيمها العربية والإسلامية، وإيماناً بالمبادئ البنَّاءة والسّامية والمتوافقة تماماً مع قواعد القانون الدولي الذي يحفظ للإنسان حقوقه وكرامته، وهذا الذي يُميزها عن غيرها من المُجتمعات التي توظف القضايا العربية والإسلامية لتحقيق مكاسب سياسية هدفها خدمة حزب أو مذهب أو طائفة. وإذا كان اتفاق وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يمثل إنجازاً كبيراً يحسب للعمل العربي والإسلامي المشترك الذي تقوده المملكة العربية السعودية، فإن هذا الإنجاز الكبير يؤكد مُجدداً على وجوب السعي الدائم في الدفاع عن القضية الفلسطينية حتى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا الذي حرص عليه وأكده البيان الصادر، في 15 يناير 2025م، عن وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية وجاء فيه، الآتي: "تعرب وزارة الخارجية عن ترحيب المملكة العربية السعودية باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتثمن الجهود التي بذلتها دولة قطر، وجمهورية مصر العربية، والولايات المتحدة الأميركية في هذا الشأن. وتُشدِّد المملكة على ضرورة الالتزام بالاتفاق ووقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية بشكل كامل من القطاع وسائر الأراضي الفلسطينية والعربية وعودة النازحين إلى مناطقهم، كما تؤكد أهمية البناء على هذا الاتفاق لمعالجة أساس الصراع من خلال تمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من حقوقه، وفي مقدمتها قيام دولته الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية. وتأمل المملكة أن يكون هذا الاتفاق منهيًا بشكل دائم لهذه الحرب الإسرائيلية الوحشية التي راح ضحيتها أكثر من 45 ألف شهيد، وأكثر من 100 ألف جريح.".
وفي الختام من الأهمية القول إن اتفاق وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في يناير 2025م يُمثل ثمرة أصيلة من ثمرات العمل العربي والإسلامي المُشترك الذي تقوده المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة –حفظها الله– بكل حكمة واقتدار، وستواصل حتى قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. نعم، إن وحدة الصف والكلمة والموقف –عربياً وإسلامياً– تجاه القضية الفلسطينية هدف أصيل وغاية سامية تسعى لتحقيقها والعمل عليها المملكة العربية السعودية إيماناً منها بأن الحقوق العربية والإسلامية المشروعة يمكن الوصول إليها والدفاع عنها بحكمة وعقلانية بعيداً عن الشعارات الحزبية والخطابات العاطفية والمصالح الخاصة. إننا أمام لحظة تاريخية أثبتت للجميع بأن الحكمة والعقلانية والقرار الرشيد تؤدي بالضرورة لنتائج بنَّاءة وعظيمة على جميع المستويات وفي كل المجالات، وهذا الذي بُنيت عليه وتنادي به المملكة العربية السعودية على امتداد تاريخها العريق.