التوازن الدبلوماسي في عالمنا اليوم ليس بالأمر السهل، وسط التجاذبات الدولية والأزمات التي تعصف بكثير من دول العالم، أيضاً التحالفات والتحالفات المضادة، ما يجعل من العلاقات المتوازنة أمراً غاية في الصعوبة.

المملكة استطاعت بحكمة قيادتها أن تجعل من الدبلوماسية المتوازنة نهجاً متميزاً وفاعلاً أكسبها مكانة مرموقة في المجتمع الدولي، فهي استطاعت أن تحافظ على علاقات متينة مع مختلف القوى العالمية والإقليمية، دون أن تنحاز لطرف على حساب آخر، مرتكزة على رؤية استراتيجية عميقة، تستند إلى مبادئ سيادية راسخة ومصالح وطنية واضحة، ما جعلها نموذجًا فريدًا في إدارة التحديات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية في عالم يشهد تغيرات متسارعة، وهو أمر شواهده كثيرة مقرونة بتقدير واسع من مختلف القوى العالمية.

الدبلوماسية السعودية صاحبة قرار مستقل، لا تتأثر بالضغوط الخارجية، بل تعتمد على مصالحها الوطنية في تحديد مواقفها، ويتجلى هذا في تعاملها مع القضايا الدولية الكبرى مثل ملف الطاقة، والأمن الإقليمي، والعلاقات مع القوى الدولية، فمن خلال تبني سياسات متزنة استطاعت المملكة الحفاظ على علاقات متينة مع الولايات المتحدة والصين وروسيا، دون الانحياز لأي طرف على حساب الآخر، وذلك يأتي في سياق أهمية تنويع الشراكات الدولية، بالحفاظ على علاقاتها التقليدية مع الغرب، وتعزز تعاونها مع الشرق من خلال شراكات اقتصادية وسياسية متينة مع الصين والهند وروسيا، هذا التوازن يمنح المملكة قدرة على المناورة في النظام الدولي، ويضمن لها الاستفادة من الفرص المتاحة في مختلف الأسواق والقطاعات.

المملكة رسخت حضورها في القضايا العالمية من خلال دعمها الجهود الإنسانية، ومشاركتها في المبادرات البيئية ومكافحة التغير المناخي، مثل (مبادرة السعودية الخضراء) و(مبادرة الشرق الأوسط الأخضر)، وتتبنى نهجًا حازمًا في مكافحة الإرهاب والتطرف، ما أكسبها احترامًا دوليًا لمساهمتها الفاعلة في تحقيق الأمن والسلم الدوليين.

الدبلوماسية المتوازنة نهج سعودي متفرد، والاستمرار على هذا النهج يؤكد أنها قوة دبلوماسية مؤثرة تعزز الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.