في أولى اجتماعاته، عقب تولي الرئيس دونالد ترمب زمام البيت الأبيض، سار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي عكس اتجاه سير الإدارة الجديدة، فقرر صناع السياسات النقدية تثبيت أسعار الفائدة، متعللين بتزايد حالة عدم اليقين، واستمرار معدلات التضخم فوق المستهدف، والواقع، أن مهمة الفيدرالي صعبة للغاية في العودة إلى هدف التضخم البالغ 2 %، وخلال المؤتمر الصحفي، رفض جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، تقديم أي تعليق على مطالبات ترمب بخفض الفائدة، قائلاً: «يجب أن يكون الجمهور واثقاً من أننا سنواصل عملنا كما فعلنا دائماً، مع التركيز على استخدام أدواتنا لتحقيق أهدافنا»، من جهته، كتب ترمب، على شبكته الاجتماعية، عقب إعلان تثبيت الفائدة، أن: «باول والاحتياطي الفيدرالي فشلوا في وقف المشكلة التي خلقوها بالتضخم»، وهذا يعني، أننا بصدد مواجهة بين رؤية الفيدرالي، ورغبة الرئيس.

تلقى ولاية ترمب الثانية بظلال من عدم اليقين على الاقتصاد العالمي ككل، خاصة مع استعداد البيت الأبيض لفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا، وهما شريكان تجاريان رئيسيان للولايات المتحدة، والمهددتان بالخضوع لرسوم جمركية بنسبة 25 ٪ اعتبارًا من 1 فبراير، وهناك الصين، المهددة بفرض رسوم جمركية بنسبة 10 ٪، بينما تتجه نية البيت الأبيض إلى فرض رسوم إضافية على الواردات الأوروبية، ولهذا، شدد باول على أن الفيدرالي سوف يراقب عن كثب تأثير السياسات الجديدة على الاقتصاد، وهي سياسات قد تزيد التضخم على عكس ما تعد به إدارة البيت الأبيض الحالية، بالرغم من أن ارتفاع التضخم، كان أحد العوامل الرئيسية في فوز ترمب بالرئاسة، حيث ذهب الأميركيون إلى الانتخابات، وهم ناقمون على ارتفاع تكاليف المعيشة، فيما فشلت هاريس في مقاومة اللوم الموجه للإدارة الديمقراطية بشأن زيادة الأسعار.

رغم أن الاحتياطي الفيدرالي حافظ تاريخياً على الانفصال الحزبي عن البيت الأبيض، إلا أن ترمب يعتقد أنه أكثر فهماً لأسعار الفائدة من مسؤولي الفيدرالي، وقد ذكر ترمب للصحفيين الأسبوع الماضي: «أعتقد أنني أعرف أسعار الفائدة بشكل أفضل بكثير مما يعرفونه هم، وأعتقد أنني أعرفها بالتأكيد بشكل أفضل بكثير من الشخص المسؤول بشكل أساسي عن اتخاذ القرار»، في المقابل، يرفض جيروم باول التنحي عن منصبه، ويبذل قصارى جهده للبقاء محايداً سياسياً، وعندما سئل عن العداء المحتمل من البيت الأبيض، وعما إذا كان سيستقيل إذا طلب منه ذلك،أجاب باول صراحة بـ «لا»، معتبراً أن تخفيض ترمب لرتب مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في مناصبهم «غير مسموح به بموجب القانون»، وهذا التضاد في الرؤية، سوف يؤجج صراعاً مثيراً للغاية بين الرئيس والبنك.

من الناحية الفنية، يعلل الفيدرالي قرار تثبيت الفائدة، بأن التضخم قد يرتفع، مع بدء صناع السياسات في التعامل مع تأثير سياسات ترمب المستقبلية، والتي تشمل تغييرات شبه مؤكدة في ملفي التجارة والهجرة، بينما تشير القراءات المرتفعة للتضخم في ديسمبر، إلى أن احتواء التضخم قد يستغرق وقتا أطول مما كان متوقعاً، من جهة أخرى، يعتقد موظفو الفيدرالي أن سياسات ترحيل المهاجرين غير المسجلين، وتشديد الحدود، وزيادة الضرائب على السلع المستوردة، قد تؤدي إلى تباطؤ النمو وارتفاع معدلات البطالة، وسيستغرق الأمر بعض الوقت لتحديد الأثر الصافي لسياسات الرئيس على الاقتصاد، ومن المرجح أن يجد الفيدرالي عددًا من الطرق الإبداعية لرفع شعار: «الانتظار والترقب»، حيث يعتقد باول ورفاقه أن الحفاظ على الأمور مستقرة يعتبر خطوة حكيمة.