من الساعات الأولى للإعلان عن رؤية 2030 في صيف العام 2016، حرصت الحكومة على أن تكون وتيرة العمل الفعلي لإنجاز برامج الرؤية سريعة ودقيقة، وذات مردود لافت، يثمر عن تحقيق إنجازات ملموسة، يشعر بها المواطن، وهو ما يفسر قدرة الرؤية على تحويل مسار الاقتصاد الوطني، من اقتصاد ريعي، يعتمد على دخل النفط، إلى اقتصاد يعتمد على مصادر دخل متعددة ومستدامة.

العمل المتقن لإنجاز برامج الرؤية على مدى السنوات الماضية، دفع مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في اجتماعه الأخير، إلى إنهاء برنامج الاستدامة المالية، ليكون أول برامج الرؤية، يحقق أهدافه كاملة، قبل العام 2030، وذلك بعدما أسهم في وضع أسس الاستدامة المالية في مختلف القطاعات الرئيسة، وحقق التحول الإيجابي في المالية العامة، وأنشأ الكيانات الفاعلة؛ فضلاً عن قدرته الفائقة على إيجاد آلية للتخطيط المالي متوسط المدى، ما أسهم في الحفاظ على استدامة وقوة الاقتصاد الوطني، وتقديم ميزانيات متوازنة، إضافة إلى سعيه إلى تحقيق الانضباط المالي، وتطوير المالية العامة من خلال إنشاء العديد من الكيانات، بما في ذلك هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، والمركز الوطني لإدارة الدين، ومركز تنمية الإيرادات غير النفطية.

نجاحات البرنامج برزت أيضاً في إنشاء نظام مالي متزن وقوي، قابل للتكيف مع جميع المتغيرات، والحرص على تنفيذ الإصلاحات المالية الرئيسة لضمان الاستدامة الاقتصادية طويلة المدى، وتحقيق الانضباط للمالية العامة، وبالطبع لا ننسى قوة البرنامج على تعزيز بناء سياسات مالية جديدة، تضمن الاستدامة على المدى الطويل، وهو ما ظهر جلياً على تطوير الميزانية السنوية بأسلوب مدروس وشامل، مع قراءة جيدة للمشهد المالي والاقتصادي في الأعوام المقبلة، وفتح الطريق نحو اتخاذ قرارات مستنيرة، بشأن المستقبل المالي، ومع زيادة الإيرادات غير النفطية.

ووسط هذا كله، لا ننسى تأثير صندوق الاستثمارات العامة، الذي ترتفع استثماراته بوتيرة سريعة، ووصولها إلى 3.47 تريليونات ريال في أغسطس من العام الماضي (2024)، بعدما كانت 2.87 تريليون ريال بنهاية عام 2023، الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الإشادة به ونتائجه وتأثيرته الإيجابية على الاقتصاد السعودي، بل إنه أعلن أن أميركا ستنشئ صندوقاً مماثلاً، لتعزيز مسيرة اقتصادها، ما يعني أن تجربة المملكة في صندوقها السيادي، أصبحت مُلهمة للولايات المتحدة الأميركية.

ولا يغفل المتابع لمسيرة برنامج الاستدامة المالية، مبادراته النوعية، وفي مقدمتها رفع كفاءة الإنفاق الحكومي التشغيلي، وتأسيس وحدة الشراء الاستراتيجي، وهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، هذه الهيئة استحدثها الرئيس الأميركي ترمب في حكومته الجديدة، عندما تعهد بالحد من الإنفاق الفدرالي المهدر، من خلال الاستفادة من خبرات الملياردير إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، في إشارة إلى أن المملكة سبقت أميركا في هذه تأسيس هذه الهيئة.

وحرص اجتماع مجلس الشؤون الاقتصادية أيضاً على استعراض الخطة التنفيذية المحدثة لبرنامج جودة الحياة، التي اشتملت على استعراض لنطاق البرنامج وتطلعاته، والتحديات والجهود المبذولة، وركائزه واعتباراته الإستراتيجية، وما شهدته جودة الحياة من تطورٍ كبيرٍ منذ انطلاق رؤية المملكة 2030، عبر تضافر جهود مختلف الجهات الحكومية تحقيقًا لمستهدفات الرؤية، وتطلعات المواطنين والمقيمين والزوّار.