يختلف اسمي الحقيقي عن اسمي الذي أكتب به، كنت في البدايات حين يسألونني لماذا اخترتِ حجازي، أجيب إجابات مختلفة، حتى أدركت الحقيقة، اخترته لأن أبي، عبدالله حجازي، ناله قبلي.
أبي، عبدالله حجازي، اللاعب المشهور، كابتن المنتخب وكابتن نادي الاتحاد في الخمسينات والستينات، أبي الذي في طفولتي، كنت أسير معه في شوارع المدينة فأرى الناس تهتف باسمه وتحييه، أبي الذي حين يفوز الاتحاد يقف في شرفة بيتنا في حي الهنداوية وأسمع عبارات التهنئة تصله من الشارع، مبروك يابو عابد، مع أن أبا عابد كان قد اعتزل من سنين.
حين اختاره النادي كي يكون أسطورة من أساطيره، لم يكن شعورًا محددًا الذي شعرنا به نحن أبناءه، كان مزيجًا من الفرح، الفخر، الامتنان، وأيضًا شعور الذي يقول نعم، هذا صحيح، الحمد لله.
كلما كتبت عنه ملأت الدموع عيني، لا يوجد زمن مهما طال يمكن أن يخفف حرقة فراقه، لكن الدموع اليوم وأنا أكتب تختلط بدموع الفرح والفخر، حين وضعت صورته لصديقاتي قالت إحداهن، يشبه نجوم السينما، وهو كان كذلك -رحمة الله عليه-، أنعم عليه الخالق بصفات كثيرة، كان مثالاً للرياضي الكامل، كان وسيماً، أنيقاً، لكن ذلك لا يضاهي أخلاقه، كل من عرفه، يعرف كم كان رفيع الخلق، هادئا، ودودا، عطوفا، لا يمكن أن تسمع منه لفظا مؤذيا، كان كذلك معنا نحن أبناءه فكيف بالغرباء.. حتى مع اللاعبين، الذين كانوا رفقاءه ولعبوا معه، والذين دربهم بعد اعتزاله.
لم يعلمني أبي معنى التواضع، لم يجلس مرة ويجلسنا حواليه ويعطينا محاضرات في الأدب والتواضع وحسن الخلق، لكني عشت ذلك معه، رأيته وعشته، أبي كان حين يحييه الناس يبتسم ويمضي، وأنا أشد يده التي تمسكني وأسأله إن كان يعرف هؤلاء الناس، لم يشرح لي ولا مرة ما معنى أن يكون الإنسان مشهورًا، لم يخبرني ولا مرة كم هو لاعب عظيم وأن هؤلاء الناس يحيونه لعظمته وللبطولات التي حققها حين كان لاعبًا.
وفي الالتزام والعشق، كان أسطورة، عاش حياته مكرسة لنادي الاتحاد، بعد اعتزاله، وحين كان النادي يمر بمرحلة حرجة عمل مدربًا للفريق حتى خرج النادي من الضائقة.
عمل مدربًا للحراس في النادي حتى وفاته، وكذلك كان مدربًا لحراس المنتخب.. أتذكر كم كان دائمًا يشارك في معسكرات النادي والمنتخب، كم كان سعيدًا بذلك، علمنا أبي بدون كلام معنى أن تعمل ما تحب.
شكرًا لرئيس نادي الاتحاد على اللفتة العظيمة، شكرًا لمن عرف أبي وشاركه اللعب والهموم الأسطورة عبدالله بكر، والحمد لله لأننا عشنا، أمي وإخوتي وأنا كي نشهد هذا التكريم.