يشهد عالمنا اليوم ثورة تقنية هائلة، يأتي في مقدمتها الذكاء الاصطناعي الذي بات يلامس شتى مناحي حياتنا، بدءًا من التفاصيل اليومية البسيطة وصولًا إلى العمليات الصناعية المعقدة، عبر قدرات هائلة تحاكي الإمكانيات الذهنية البشرية، مستندة إلى مجموعة متنوعة من التقنيات التي تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي، التي تتجسد في هواتفنا الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث والتجارة الإلكترونية وفي القيادة الذاتية للسيارات، بالإضافة إلى دورها في مجالات الطب والتعليم والصناعة والمصرفية والترفيه والفن وصناعة الأفلام والبرمجة والتسويق الرقمي وغيرها، كل ذلك بغرض توفير الوقت وزيادة الكفاءة والإنتاجية ودعم اتخاذ القرارات الصحيحة وتحسين جودة الحياة.
ومن أبرز تطورات الذكاء الاصطناعي هي تطبيقات روبوتات الدردشة الذكية التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والتعلم العميق، القادرة على فهم اللغة الطبيعية وتفاعلات المستخدمين والاستجابة لها بطريقة تحاكي التواصل البشري، حيث تتنافس شركات التقنية الرائدة عالميا لإصدار مثل هذه التطبيقات، من أبرزها تطبيق ChatGPT المقدم من شركة OpenAI السباقة في إطلاق هذا النوع من التطبيقات، وتطبيق Gemini الذي تقدمه شركة ألفابت المالكة لجوجل، وتطبيق Copilot من شركة مايكروسوفت، وتطبيق Meta Ai من شركة ميتا المالكة للفيسبوك والواتساب، وتطبيق Grok التابع لشركة إكس (توتير سابقا)، ودخول مؤخرا التطبيقات الصينية على خط التنافس من أهمها تطبيق Qwen من شركة علي بابا وتطبيق Deepseek الممول من قبل صندوق التحوط الصيني "هاي فلاير"، بالاضافة الى العديد من التطبيقات الأخرى الخاصة بالأعمال الفنية والتصميم مثل "Midjourney, runway, pika, Sora" التي تحول النصوص الى صور وفيديوهات وموسيقى، كذلك التطبيقات الأخرى المختصة بكتابة أكواد البرمجة والعروض التقديمية والخرائط الذهنية والتقارير وغيرها، حيث تختلف هذه التطبيقات فيما بينها من حيث تسعيرة استخدامها أو توفرها مجانا كذلك من حيث إتاحتها كمصدر مفتوح أو مغلق، بالإضافة إلى ما هو مختص بمجال محدد ومنها ما هو جامع لكثير من هذه المهام.
وفي وطننا الغالي نجد تطبيق علاّم (ALLAM) التابع للشركة السعودية للذكاء الاصطناعي "سكاي" التي يملكها صندوق الاستثمارات العامة، كأول تطبيق روبوت دردشة ذكي سعودي سينافس إن شاء الله تطبيقات الذكاء الاصطناعي العالمية، كإنجاز وطني في إطار رؤية السعودية 2030 الطموحة التي تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة الرائدة عالمياً في التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي.
أيضا ما أعلنت عنه شركة أرامكو سابقا عن إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي توليدي بالعالم في القطاع الصناعي (أرامكو ميتا برين)، بالإضافة إلى الإنجاز العربي المتميز من دولة الإمارات العربية المتحدة في تقديم نموذجين مفتوحي المصدر للذكاء الاصطناعي التوليدي هما "فالكون2" و"جيس" الذي سُمي تيمنًا باسم أكبر جبل في دولة الإمارات.
ومع استمرار التطور السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تصبح هذه الروبوتات أكثر ذكاءً وقدرةً على فهم المشاعر العاطفية والتفاعل البشري بشكل طبيعي، وستتمكن من التعامل مع اللهجات المختلفة والعبارات المعقدة وفهم السياق بدقة أكبر، مع الحفاظ على خصوصية المستخدمين، مما سيجعلها قادرة على تقديم تجارب أكثر واقعية وفعالية في مختلف القطاعات كجزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية.