يتعامل العقل الإنساني مع الكثير من النصوص، لكن كم عدد المعاني التي تستقر به؟، هل تسائل يوماً الكُتاب عن مصير كتبهم في أرفف منازل القراء، وكم من المشاعر التي تتحرك على وقع كلماتهم. الكتابة أداة نعم، لكن أخشى أن تصبح مع الأيام غاية، لا أعلم إن كانت اللغة تعيش هزيمة معنوية أمام تغول التطبيقات والاختراقات التقنية لكيانها الرقيق، في الوقت التي كانت فكرة الكتابة الخالية من الأخطاء هدفاً رئيساً للنصوص، اليوم يتحدث الواقع عن نصوص خالية من المشاعر، هل يمكن وضع تصور عن معايير الكتابة المستقبلية؟ هذا في الحديث عن الكتاب بلغتهم الأم، ماذا عن الكتاب باللغة الثانية؟ ونحن أمام شريحة عمرية قادمة العديد منهم مزدوجو اللغة؟ وهل هناك نقاط مشتركة بين الأجيال واهتماماتها؟.

نظرة خاطفة لسوق الدورات التدريبية والتعليمية تعكس قلة الدورات ذات الصلة بالكتابة، في حين تعتبر الكتابة الأكاديمية أساساً وشرطاً للنجاح المهني في العديد من الثقافات، أتساءل عن جدية هذه الفكرة في السياق العربي. خاصة أن النزاهة مع ضعف التطبيقات الفاحصة للسرقات تغيب لدى المتطفلين على الكتابة بجانب الكثير من المغالطات التي أزعم أن تأطيرها يتطلب الكثير من الجهد المؤسسي لا الفردي فقط، فإن الكتابة بكل أنواعها تصبح أكثر تحديًا مع تزايد ما يجب التحدث عنه أو معرفته أو حتى تكراره أكثر من أي وقت مضى.

قد يبدو أن المحتوى اليوم هو السلعة الأكثر قيمة في السياسة والإعلام والتعليم، ويبدو أن الملل المعرفي يتسلل إلينا دون أن ننتبه مع الميل للاستهلاك أكثر من الإنتاج ومع أن النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي متاح وقد يكون ليس بذات الكلفة للوسائل التقليدية، فإن نوعية القراء أيضاً تتطور ورغباتهم هي المحك في تمرير الأفكار. مشكلة اتصالية؟ نعم، قد تكون لغة الكتابة عثرة بسبب نبرة أو شعور سلبي يبثه الكاتب بوعي أو بعفوية، لذا فإن الكاتب الذكي هو من يستبق التفسيرات باللغة الواضحة والحضور الرزين وأن لا يمنح مجالاً للتخمينات العاطفية وغير المنطقية أن تنال من فكرته.. دمتم بخير.