لم تكن خسارة الهلال للكلاسيكو وحظوظ الحفاظ على اللقب غريبة على فريق أصبح يعاني ويخسر، أو يتعثر أمام فرق الوسط، أو ينجو بأعجوبة أمام فرق تصارع على البقاء، ولم يكن انكشاف دفاعاته واستباحة شباكه برباعية اتحادية مفاجأة، وهي التي استقبلت ثلاثة من الخليج، وهدفين من الخلود ومثلهما من الرائد والقادسية وضمك (ذهابًا وإيابًا)!.
دفاع الهلال لم يكن الأقوى في الموسم الماضي كما كانت تقول الأرقام الخادعة؛ بل كان ياسين بونو هو الأقوى، وحين لم يصبح كذلك ظهر دفاع الهلال على حقيقته، ليس أضعف من الاتحاد فحسب؛ بل وأضعف من النصر والقادسية والأهلي والتعاون.
طريقة خيسوس المتهورة كان يستر عوارها الموسم الماضي تألق بونو، وحين قرر خيسوس التضحية بحارسه أمام العين في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال آسيا عاقبه رحيمي ورفاقه برباعية ورطت الفريق في الإياب وأخرجته من بطولة قارية كانت بمتناول اليد، لكن بونو هذا الموسم وتحديدًا بعد عودته مصابًا من بلاده لم يعد يستطيع أن يستر عوار هذا التكتيك الأخرق، وخيسوس لم يستطع أن يعالج المشكلة؛ بل زادها حين مارس (العبط) والعناد وأصرَّ على فرض البليهي، الأمر الذي تضرر منه الفريق كثيرًا نتائجيًا ومعنويًا وجماهيريًا وإعلامياً، وأدخل المدرب واللاعب ومن ثمَّ الإدارة في صدام مع الجماهير التي ثبت اليوم أنها هي التي كانت (أبخص)!.
دفاع الهلال كان مريضًا، والطبيب الذي يفترض به أن يشخصه ويعالجه زاد حالته سوءًا بمكابرته وعجزه ووصفاته القاتلة التي أماتت المريض، فوجب إكرامه ودفنه، ومحاسبة الطبيب على أخطائه التي دفع الفريق ثمنها بخروج مبكر من كأس الملك، ثمَّ ابتعاده عن الصدارة بفارق 7 نقاط عن منافسه الاتحاد، وتضاؤل حظوظه في الحفاظ على لقب الدوري!.
ليست القضية خسارة مباراة أو مباراتين أو ثلاثة، ولا خسارة بطولة أو بطولتين، الأخطر من ذلك كله هو خسارة الهلال لهيبته حتى صار عشاقه يتنفسون الصعداء بعد صافرة النهاية من الحكم الألماني في مباراة الكلاسيكو خوفًا من نتيجة أكبر؛ بل وقلَّ حماسهم وشغفهم لمشاركة الفريق في كأس العالم المقبلة إذا كان الفريق سيذهب إلى أميركا بهذا المدرب وهذا الدفاع!.
وليست مشكلة الهلال في دفاعه فقط وإن كانت أم المشاكل؛ لكنَّ الفريق أصبح بفضل قرارات خيسوس التي باركتها له الإدارة بلا دكة، وبلا أوراق رابحة، فصار اللاعب الأساسي منهكًا مستنزفًا وبلا وازع، والاحتياطي متبلدًا بلا حافز، بعد أن قتل خيسوس دكة الاحتياط وفرَّغها من كل خبير أو موهوب أو متحفزٍ لقتال!.
ولأنَّ السلطة المطلقة مفسدة مطلقة فالمشكلة في الهلال ليست في خيسوس وحده، ولم يكن خيسوس ليتفرد بالقرار، ويعبث بالفريق كما يحلو له، لو أنَّه وجد (مديرًا رياضيًا) يراقبه ويناقشه ويحاسبه مثل بلانيس في الاتحاد أو كارلوس أنتون في القادسية؛ لكنَّه لم يجد سوى إداريين لا ينقصهم الإخلاص والتفاني والحرص على مصلحة الهلال بقدر ما ينقصهم الجانب الفني الذي يمنحهم الشجاعة والجرأة والقدرة على قراءة المشهد ومعرفة مكامن الخلل والتدخل في الوقت المناسب قبل حدوث الكارثة، والمشاركة بشكل فاعل في رسم استراتيجية فنية للفريق أبعد وأعمق وأطول مدى من استراتيجية مدرب لا تربطه بالفريق سوى علاقة تعاقدية عمرها قصير، وأهدافها آنية وأنانية، علاقة عنوانها: «أنا ومن بعدي الطوفان».