لم تبتعد مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا عن الحقيقة، عندما شبهت تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل «بتأثير التسونامي»، فـ60 % من الوظائف في الاقتصادات المتقدمة، خلال فترة زمينة قصيرة، إما أنها ستصبح أكثر كفاءة، أو سوف تختفي.

وهذا سوف يؤدي إلى نتائج متباينة وإعادة اصطفاف بين الدول ففي الهند مثلاً التي تعتبر أكثر بلدان العالم اكتظاظاً بالسكان، سوف يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى نتائج متباينة، ففي حين أن هذا الاستخدام سوف يساهم في ارتفاع الإنتاجية، وبالتالي معدلات نمو مرتفعة للاقتصاد - التي هي في الهند مرتفعة أصلاً، فإن هذا الاستخدام سوف يؤدي من ناحية أخرى إلى ارتفاع نسبة البطالة وهذا سوف تكون له تكلفته الاجتماعية والسياسية، ولذلك، فإن أصحاب القرار في البلدان ذات الكثافة السكانية، يفترض أن يوازنوا بين الأمرين.

وبالعكس، فإن اليابان التي تواجه انخفاض في عدد السكان، منذ عام 2015م سوف تستفيد من التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي، فسكان هذا البلد من المتوقع أن يتقلصون في نهاية القرن إلى 63 مليون نسمة فقط، ولذلك فليس مصادفة أن تهتم اليابان أكثر من غيرها بالذكاء الاصطناعي والإنسان الآلي والاقتصاد الرقمي، وذلك للتعويض عن تقلص عدد السكان، كذلك هذا هو الحال في أوروبا التي انخفض فيها معدلات المواليد إلى أدنى مستوى، فهذه البلدان سوف تستفيد بصورة أكبر من استخدام الذكاء الاصطناعي، إذ أن التسونامي كما قالت مديرة صندوق النقد الدولي الناجم عن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي سوف  يؤدي إلى ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد، وبالتالي إيقاف تراجع ترتيب هذه الاقتصادات في الاقتصاد العالمي، كما هو حال اليابان التي من المتوقع أن يتراجع ترتيبها عام 2075 إلى 12.

كذلك، فإن بلدنا الذي يشتكي من قلة عدد السكان، هو الأخر سوف يكون على رأس المستفيدين من التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي، وأول نتائج ذلك سوف تنعكس على استقدام العمالة الأجنبية. فهناك نسبة لا يستهان بها من الوظائف التي تقوم بها هذه العمالة سوف تختفي أو تتقلص - خصوصاً إذا ما دخل الذكاء الاصطناعي إلى صناعة السيارات بصورة أكبر. فعندها سوف نستغني عن نسبة لا يستهان بها من السائقين الذين نستقدمهم.

كذلك سوف يستغني قطاع المقاولين، عن العديد من الوظائف التي يشغلها الأجانب، وقس على ذلك بقية القطاعات التي سوف يحل الذكاء الاصطناعي محل القوة العاملة المستقدمة، فالمملكة ربما تكون من بين أكثر البلدان استفادة من حلول الذكاء الاصطناعي محل اليد العاملة، فهذا الإحلال سوف يساعدنا على التسريع بإعادة هيكلة الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، خاصة مع توجه المملكة إلى دعم قطاع الصادرات غير النفطية- فهذا القطاع سوف يتطور دونما حاجة كبيرة إلى قوة العمل.