من يتابع الموقع الرسمي ليوم التأسيس ستدهشه تلك الجماليات التي يحملها (النص الفائق)، ونعني به ذلك النص (التشعبي) الذي يبدو على الشاشة، ويتفاعل معه المتلقي من خلال النقر عليه، ويُعرف بالإنجليزية بـ (Hypertext)، وهو نص تقاني ولد في بيئة إلكترونية، يمكّن القارئ من الوصول إليه على الفور عن طريق النقر على زر (الماوس)، أو المفاتيح الأخرى، وقد يحتوي على الجداول، والصور، والأصوات، والمؤثرات، وغيرها، وقد اكتسب هذا النص في الموقع الرسمي ليوم التأسيس طابعاً أدبيًّا يدلّ على جماليته وشاعريته.

وتبدو مظاهر السرد في الموقع الرسمي ليوم التأسيس بشكل واضح من خلال أيقوناتٍ حكائية، أولها عبارة (يوم بدينا)، وخلفها صورة سور طيني يشتبك مع أحد القصور القديمة، ومن حوله مجموعة من الناس، ثم تظهر صورة أخرى مع نفس العبارة، وخلفها وادي حنيفة، ثم تتحرك الصورة بشكل تشويقي، ثم صورة أخرى ترمز إلى صحراء، ووادٍ، ونخيل، وقصور طينية، وصورة رجل يلبس الزي الوطني التراثي، ثم هذه العبارة الحكائية التي يغلفها القص: «لم تكن البداية قريبة، بل تتجذر لزمنِ ما قبل الإسلام، حيث قَدِم بنو حنيفة إلى اليمامة في مطلع القرن الخامس الميلادي، واستقروا في وسط الجزيرة العربية ليؤسسوا اليمامة التي تمركزت في منطقة العارض في نجد؛ على ضفاف وادي حنيفة، لتصبح بعد ذلك جزءاً من الدولة النبوية عند ظهور الإسلام. وبعد انتهاء الخلافة الراشدة، تزعزع الاستقرار في الجزيرة العربية، وساد فيها الإهمال وعدم الاستقرار والضعف وهُجرت المنطقة وأصبحت في طي النسيان».

ثم تظهر مع تحريك (الماوس) لوحة فنية أخرى جميلة، وعبارة حكائية أخرى مع تماوج خفيف ينقل المشهد القديم بصورة سردية تفاعلية: «حتى عاد الأمير مانع بن ربيعة المريدي الحنفي، ليكمل مسيرة عشيرته (بني حنيفة)، وذلك في منتصف القرن التاسع الهجري، وتحديداً في عام 850م/1446م، حيث تمكّن الأمير من العودة إلى وسط الجزيرة العربية حيث كان أسلافه، وكان قدومه اللبنة الأولى في مراحل تأسيس الدولة السعودية الأولى التي ستبرز لاحقاً، عندما أسس مدينة الدرعية الثانية - والتي تكونت من غصيبة والمليبيد- لتكون المدينة القابلة للتوسع وتحقيق الأمن والاستقرار، وهي مختلفة عن الدرعية التي كانوا يستقرون على أرضها بالقرب من القطيف شرق الجزيرة العربية».

وانطلق السرد في النص الفائق من حركية تدل على الحدوث، والتجدد، والاستمرار، إضافة إلى التركيز على الزمن بوصفة مقوماً من مقومات الحكاية، وقد رأينا ذلك مثلاً عند الضغط على أيقونة (قصصنا)، حيث تنسدل عبارات، منها: «الفصل الثالث: المؤسس الإمام محمد بن سعود 1727م/1139ه»، ثم أيقونة (ابدأ الرحلة) التي يظهر معها هذه الأيقونة «عندما ترى هذه العلامة، قــم بــالــتــمــريــر للأســفــل، لمتابعة أحداث القصة»، ثم يدخل المُشاهد إلى أجواء القصة فيسير عبر الشاشة (بانورامياً) من خلال عرض سينمائي لصحراء في وسطها بيوت طينية، تحيط بمجموعة من الرجال، يتحلّقون حول رجل، ثم تظهر عبارة (في الصعاب يظهر القادة. تعرّف على القائد).

وفي الموقع الرسمي ليوم التأسيس أيقونات مليئة بالعلامات، والجماليات، وصفوة القول إننا أمام نص فائق يتواكب مع هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، وهو ما يجعل لشعريته وجماليته رونقاً آخر، ومن هنا فهو موطن خصيب للدراسة من زوايا مختلفة، تنتقل بالنص من ورقيته إلى أيقونيته، ومن أدبيته إلى تفاعليته.