العالم شهد جدلاً على الهواء مباشرة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ولأول مرة يكون بهذه الصورة من النقاش أمام الإعلام والعالم، كانت الفرضية أن يوقع الرئيس الأوكراني اتفاقية المعادن الأميركية الأوكرانية بأن تحصل الولايات المتحدة على حق الاستثمار بنسبة 50 % من المعادن النادرة ذات الجدوى الاستثمارية والتي متوقع أن تسهم في الصناعة الأميركية خاصة في الذكاء الاصطناعي وإنتاج الطاقة المتجددة والتقنيات وغيرها، مع تقديم الولايات المتحدة لضمانات أمنية للاتفاقية الخاصة بوقف الحرب المتوقع إبرامها، ولكن لم يحصل ذلك وحدث ما شهده العالم، والأحد الماضي اجتمعت 18 دول أوربية لصياغة حلول سلام ودعم لأوكرانيا في لندن بقيادة رئيس الوزراء البريطاني ستارمر الذي حثه بعض حلفه على إلغاء الدعوة التي قدمت للرئيس الأميركي لزيارة بريطانيا ولكنه رفض ذلك من إصراره على تضييق هوة الخلاف لا زيادتها وحين قال تواجه أوروبا "لحظة حقيقية من الهشاشة" والعمل جار على قدم وساق لصياغة سلام للحرب الروسية الأوكرانية، ويبدو أن اتفاقية "المعادن" التي لم توقع تظهر حجم المصاعب التي تواجهها اوكرانيا وإصرار الرئيس الأميركي عليها، وإن الإدارة الأميركية ترى أن كييف مدينة لها بهذه الاتفاقية مقابل ما قدم من دعم مالي أميركي ضخم.
هذه الاتفاقية الأوكرانية الأميركية التي لم تتم، وقد تتم مستقبلاً وقريباً، لم يتوقف الرئيس الأميركي من إصدار قرارات تنفيذية (أصدر ما يزيد على 75 قراراً تنفيذياً منذ 20 يناير تولي الرئاسية) وهو الآن يصوب نحو الصين "الحرب التجارية" معها طويلة الأمد كما يتضح فقد فرض 10 % رسوماً جمركية ثم لاحقا 10 % قد التنفيذ ومعها المكسيك وكندا وأوروبا قادمة أيضاً، السؤال الذي يطرح مباشرة، هل سيكون بمقدور الاقتصاد الأميركي تحمل هذه الصدامات مع هذه الدول بمعزل عن أي أثر اقتصادي؟! ونعلم حجم لاقتصاد الأميركي الأول عالمياً، حين نستعرض عن حجم التبادل التجاري لهذه الدول والاتحاد الأوربي فنحن نتحدث المكسيك لوحدها تشكل 16 % من إجمالي التجارة الأميركية، ثم الصين وكندا بنسب 14 % و 11 % وهذه الدول الثلاث فقط تشكل 40 % من إجمالي التجارة الدولية، ولنا أن نتصور أن العجز التجاري بين الصين والولايات المتحدة بلغ 296 مليار دولار لصالح الصين، وهو أحد أهم أسباب تأزم العلاقات، وتصدر الصين بما يفوق 450 مليار دولار، ويمكن القياس على كل دولة أو الاتحاد الأوروبي لقياس حجم العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة التي تراهن على شيئين "أكبر اقتصاد وسوق، وتوفر التكنولوجيا الأميركية والحظر خاصة للصين" ولكن هل هذه رهانات يمكن الاعتماد عليها والصمود بفرض الرسوم بلا توقف، ماذا عن المستهلك الأميركي؟ ماذا عن التضخم؟ ماذا عن تحفيز هذه الدول التي تعاقب على الاعتماد على نفسها وبحث عن أسواق جديدة وصناعة تطور مستقبلاً! لن يكون الطريق الاقتصادي مفروشًا وسهلاً لأميركا بدول تعاون وتبادل دولي تجاري واقتصادي.. الاقتصاد يعلمنا دوما الخيارات متاحة ولا تتوقف وإن صعبت الخيارات.. ولن تكون وحدك اقتصادياً بلا شراكات وتعاون بين الدول.