في عالم السياسة والدبلوماسية، لم يعد الإعلام مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل أصبح قوة مؤثرة قادرة على تشكيل الرأي العام، وإعادة توجيه السياسات، والتأثير على علاقات الدول ببعضها، اللقاء الأخير بين الرئيس الأمريكي ترمب ونظيره الأوكراني زيلينسكي كشف الدور المهم للإعلام، ليس فقط في توثيق الحدث، ولكن في تحويله إلى أداة ضغط وإحراج سياسي، مما يثير تساؤلات حول أهمية الإعلام وخطورته على الساحة الدولية..!!

تاريخيًا، لعب الإعلام دورًا في الحروب والصراعات السياسية، حيث أصبح أداة بيد الحكومات والقادة للترويج لأجنداتهم أو التأثير على الشعوب، وفي اللقاء الأخير، كان وجود الإعلاميين بمثابة ساحة معركة غير مباشرة، حيث استخدم ترمب التصريحات العلنية للتشكيك في فاعلية الدعم الأمريكي لأوكرانيا، مما وضع زيلينسكي في موقف دفاعي محرج..!!

هذا الحدث يؤكد أن الإعلام لم يعد مجرد وسيط، بل هو عنصر أساسي في تكوين الصورة الذهنية عن القادة والسياسات الدولية، كون التغطية الصحفية يمكن أن تظهر مكانة زعيم سياسي أو تضعفه، كما يمكن أن تؤثر على توجهات الرأي العام الداخلي والخارجي.

فبينما يعزز الإعلام الشفافية ويكشف الحقائق، فإنه قد يصبح أيضًا أداة خطيرة إذا تم توظيفه لأغراض سياسية معينة، في الحالة الأمريكية، الإعلام ليس كيانًا محايدًا بالكامل، بل هو جزء من اللعبة السياسية بين الأحزاب والجماعات المؤثرة، والدليل أن احتمالية أن يكون وجود الإعلاميين في اللقاء بين ترمب وزيلينسكي قد تم ترتيبه عمدًا بالسيناريو الذي شاهدناه، لإحراج الرئيس الأوكراني فكرة قائمة، خاصة بالنظر إلى السياقات السياسية والعلاقات المتوترة بين الطرفين.

الإعلام الأمريكي ليس مجرد وسيلة إخبارية، بل هو قوة سياسية واقتصادية تمتد تأثيراتها إلى خارج حدود الولايات المتحدة، فلا يمكن أن نتجاهل أن أمريكا تستخدم إعلامها كأداة دبلوماسية غير رسمية، حيث يتم توجيه رسائل معينة إلى الدول الأخرى من خلال البرامج الإخبارية والتقارير الصحفية، فالقنوات الإخبارية مثل CNN وFox News وThe New York Times تملك قدرة كبيرة على صياغة الأحداث بطريقة تجعل الجمهور العالمي ينظر إليها من زاوية معينة، فالحكومات في مختلف الدول تتابع الإعلام الأمريكي بانتظام، لأنه يحدد اتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية.

لذلك لابد أن نهتم بالإعلام (الحقيقي) لأنه السلاح الأقوى في العصر الحديث، فهو قادر على بناء التحالفات أو هدمها، تعزيز القادة أو إسقاطهم، فهو قوة لا يستهان بها، وسيظل أحد العوامل الأكثر تأثيرًا في السياسة العالمية، كما رأينا مؤخراً في لقاء البيت الأبيض، الذي لم يكن مجرد اجتماع دبلوماسي، بل كان مواجهة إعلامية بامتياز.