إن سياسات ومواقف المملكة تجاه جمهورية السودان الشقيقة تعكس حرصها التام على أمن وسلامة واستقرار ووحدة أراضيها، وتُشدد على أهمية المُحافظة على وحدة الصف والكلمة بين جميع مكونات الشعب السوداني، وتطالب المجتمع الدولي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لجمهورية السودان الشقيقة..
الدفاع عن القضايا والحقوق العربية، والمحافظة على وحدة وسلامة الأراضي العربية، وتعزيز استقرار المناطق العربية، سياسة ثابتة وقيم سامية تبنتها المملكة العربية السعودية على امتداد تاريخها العريق الذي وضع أسس بنيانه الحديث الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه- وتعزيز الوحدة الوطنية للبلدان العربية، والمحافظة على وحدة وسلامة أراضي جميع البلدان العربية، وتأييد كل الجهود السياسية والدبلوماسية الهادفة لتعزيز الاستقرار السياسي في جميع البلدان العربية، سياسة أصيلة ومبادئ جليلة تبنتها وعملت عليها سياسة المملكة العربية السعودية خلال تاريخها العريق الممتد لما يزيد على مئة عام، وما زالت حتى وقتنا الراهن بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وإذا كانت هذه هي الثوابت الأصيلة والقيم السامية لسياسة المملكة العربية السعودية تجاه البلدان العربية الشقيقة، فإنها كذلك حاضرة ومتجددة تجاه جمهورية السودان الشقيقة على جميع المستويات وفي كل المجالات.
نعم، إن أهمية دولة السودان بالنسبة للمملكة العربية السعودية تتساوى مع أهمية جميع البلدان العربية من حيث الرغبة في تعزيز أمنها الوطني، ووحدة وسلامة أراضيها، واستقرارها السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي وفي جميع المجالات. وإذا كانت هذه هي السياسة الثابتة والأصيلة للمملكة العربية السعودية تجاه جمهورية السودان الشقيقة، فإنها تتصاعد لمستويات عُليا عندما تكون هناك محاولات سلبية من أطراف دولية تستهدف بشكل رئيس وحدة وسلامة واستقرار السودان، وهذا الذي ترفضه المملكة العربية السعودية رفضاً قاطعاً، وهذا الذي أكد عليه بيان وزارة الخارجية الصادر في 28 فبراير 2025م وجاء فيه، الآتي: "تعرب وزارة الخارجية عن رفض المملكة العربية السعودية لأي خطوات أو إجراءات غير شرعية تتم خارج إطار عمل المؤسسات الرسمية لجمهورية السودان قد تمس وحدته ولا تعبر عن إرادة شعبه الشقيق، بما في ذلك الدعوة إلى تشكيل حكومة موازية، مؤكدةً موقف المملكة الثابت تجاه دعم جمهورية السودان الشقيقة، وتجاه أمنها واستقرارها ووحدة أراضيها. وتدعو المملكة الأطراف السودانية إلى تغليب مصلحة السودان على أي مصالح فئوية، والعمل على تجنيبه مخاطر الانقسام والفوضى، وتجدد التزامها باستمرار بذل كافة الجهود لوقف الحرب في السودان وتحقيق السلام بما ينسجم مع إعلان جدة الموقع بتاريخ 11 مايو 2023م."
نعم، لقد جاء بيان وزارة الخارجية ليؤكد مُجدداً على ثبات مواقف وسياسات المملكة العربية السعودية تجاه جمهورية السودان الشقيقة، وداعماً للتوجهات البنَّاءة والهادفة لتعزيز أمن ووحدة وسلامة واستقرار السودان، والمؤيدة لوحدة الصف والكلمة بين جميع أبناء الشعب السوداني الشقيق. وفي الوقت الذي يؤكد فيه بيان وزارة الخارجية على ثبات مواقف وسياسات المملكة العربية السعودية تجاه جمهورية السودان الشقيقة، فإن البيان كذلك يُذكِّر أبناء جمهورية السودان بأهمية مواصلة بذل الجهود لوقف حالة الصراع، والعمل لتحقيق السّلام عملاً بـ"إعلان جدة" الموقع في 11 مايو 2023م. نعم، فمُنذُ اليوم الأول للخلاف والنزاع بين أبناء جمهورية السودان الشقيقة، بذلت المملكة العربية السعودية جهوداً عظيمة في سبيل المحافظة على أمن وسلامة واستقرار ووحدة أراضي السودان. واستجابةً لهذه الجهود العظيمة، بادر أبناء السودان الشقيق بتلبية الدعوة الكريمة التي وجهت لهم من المملكة العربية السعودية ليتمكنوا من الجلوس على طاولة الحوار والتفاوض حتى يتمكنوا من الوصول للحلول السياسية التي يرونها. وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف السَّامية، تمكن أبناء السودان الشقيق خلال اجتماعهم في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية من الوصول لاتفاق مبدئي أطلق عليه "إعلان جدة" في 11 مايو 2023م"، والذي بثته (واس) في 12 مايو 2023م، ومما جاء فيه، الآتي: "صدر عن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع "إعلان جدة"، وفيما يلي نصه: الالتزام بحماية المدنيين في السودان. إدراكاً منا بضرورة تخفيف المعاناة عن كاهل شعبنا والناجمة عن القتال في السودان منذ (15 أبريل 2023م)، ولا سيما في العاصمة الخرطوم، وتلبيةً لمتطلبات الوضع الإنساني الراهن الذي يمر به المدنيون. استجابةً منا لمناشدات الدول الشقيقة والصديقة عبر مبادراتها العديدة وعلى رأسها المبادرة السعودية الأمريكية. نؤكد نحن الموقعون أدناه، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع من خلال هذا الإعلان التزاماتنا الأساسية بموجب القانون الدولي الإنساني لتيسير العمل الإنساني من أجل تلبية احتياجات المدنيين. ونؤكد التزامنا الراسخ بسيادة السودان والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه. وندرك أن الالتزام بالإعلان لن يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي للأطراف الموقعة عليه، ولن يرتبط بالانخراط في أي عملية سياسية. ونرحب بالجهود التي يبذلها أصدقاء السودان الذين يسخّرون علاقاتهم ومساعيهم الحميدة من أجل ضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزام بالإعلان وتنفيذه على الفور. لا تحل أي من النقاط الواردة أدناه محل أي التزامات أو مبادئ بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تنطبق على هذا النزاع المسلح وعلى وجه الخصوص البروتكول الإضافي الثاني لسنة 1977م والملحق باتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949م والتي يجب على جميع الأطراف الوفاء بها.
الالتزامات:
1- نتفق على أن مصالح وسلامة الشعب السوداني هي أولوياتنا الرئيسة ونؤكد التزامنا بضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات، ويشمل ذلك السماح بمرور آمن للمدنيين لمغادرة مناطق الأعمال العدائية الفعلية على أساس طوعي في الاتجاه الذي يختارونه.
2- نؤكد مسؤوليتنا عن احترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
3- ندرك أن الأنشطة الإنسانية تهدف إلى تخفيف المعاناة الإنسانية وحماية حياة وكرامة الأشخاص غير المقاتلين أو الذين كفوا عن القتال. ونتفق على ضرورة السماح باستئناف العمليات الإنسانية الأساسية وحماية العاملين والأصول في المجال الإنساني.
4- بذل كل الجهود لضمان نشر هذه الالتزامات - وجميع التزامات القانون الدولي الإنساني - بالكامل داخل صفوفنا، وتعيين نقاط اتصال للتعامل مع الجهات الفاعلة الإنسانية لتسهيل أنشطتها.
5)- تمكين الجهات الإنسانية المسؤولة، مثل الهلال الأحمر السوداني أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من جمع الموتى وتسجيل أسمائهم ودفنهم بالتنسيق مع السلطات المختصة.
6- اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان التزام جميع الأشخاص الخاضعين لتعليماتنا أو توجيهاتنا أو سيطرتنا بالقانون الإنساني الدولي، لا سيما الالتزامات الواردة في هذا الإعلان.
7- تعزيزاً للمبادئ والالتزامات الواردة في هذا الإعلان، نلتزم بإعطاء الأولوية للمناقشات بهدف تحقيق وقف إطلاق نار قصير المدى لتسهيل توصيل المساعدة الإنسانية الطارئة واستعادة الخدمات الأساسية، ونلتزم كذلك بجدولة المناقشات الموسعة اللاحقة لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية.
8- تم توقيع الإعلان في مدينة جدة بتاريخ (11 مايو 2023م)، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية."
وفي الختام من الأهمية القول إن سياسات ومواقف المملكة العربية السعودية تجاه جمهورية السودان الشقيقة تعكس حرصها التام على أمن وسلامة واستقرار ووحدة أراضيها، وتُشدد على أهمية المُحافظة على وحدة الصف والكلمة بين جميع مكونات الشعب السوداني، وتطالب المجتمع الدولي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لجمهورية السودان الشقيقة. نعم، إن بيان وزارة الخارجية، واستضافة المحادثات بين أبناء جمهورية السودان الشقيقة في مدينة جدة، يعبر بجلاء عن روح الأخوة العربية والإسلامية التي تجمع المملكة العربية السعودية وجمهورية السودان الشقيقة، ويؤكد على عمق العلاقات الأخوية التي تجمع الشعبين الشقيقين والقيادات السياسية الحكيمة. نعم، إن أمن وسلامة واستقرار ووحدة أراضي جمهورية السودان الشقيقة، وجميع البلدان العربية، تمثل غاية سامية للمملكة العربية السعودية التي تحرص أشد الحرص على تعزيز حالة الأمن والسلم والاستقرار على جميع المستويات العربية والإقليمية والدولية.