يعد شهر رمضان المبارك موسمًا تتجلى فيه قيم الرحمة والتضامن والتكافل الاجتماعي، حيث تتسابق المؤسسات بمختلف قطاعاتها للإسهام في مساعدة المحتاجين وتعزيز المبادرات الخيرية. ورغم تنوع هذه المبادرات، إلا أن ثمة حاجة نحو صناعة أثر مستدام لا أن تبقى الجهود مجرد حملات موسمية.

فلم يعد التكافل الاجتماعي مجرد تقديم مساعدات آنية خلال المواسم، بل أصبح مفهومًا أشمل يرتبط بالاستدامة وتعزيز الأثر الإيجابي على حياة الأفراد والمجتمع، بعض الشركات السعودية أدركت هذا التحول، فلم تكتفِ بالحملات الخيرية التقليدية، بل تبنت حلولًا تركز على تمكين الفئات المحتاجة عبر مبادرات توفر فرص عمل، وتدعم المشاريع الصغيرة، وتسهم في تحسين جودة الحياة من خلال شراكات استراتيجية مع الجمعيات الخيرية.

وفي ظل التحول الرقمي المتسارع، أصبح للتقنية دور محوري في تطوير منظومة التكافل الاجتماعي. ولم يعد التبرع مقتصرًا على الطرق التقليدية، بل باتت هناك حلول مبتكرة تسهل عمليات العطاء وتجعلها أكثر كفاءة وتأثيرًا مثل إمكانية التبرع المباشر من خلال التطبيقات، ما يجعل العطاء أكثر سهولة ويسرًا.

وما توفره بعض المتاجر الكبرى من تقديم بطاقات شراء رقمية للأسر المحتاجة، مما يضمن استفادة المستحقين من المساعدات وفق احتياجاتهم الفعلية.

لا يمكن إنكار أن بعض الشركات قدمت مبادرات تستحق الإشادة، لكن في المقابل، لا تزال بعض الجهات تتعامل مع المسؤولية الاجتماعية كأداة تسويقية أكثر من كونها التزامًا حقيقيًا، إذ تُنفق مبالغ طائلة على حملات إعلانية ضخمة دون أن تحقق هذه المبادرات أثرًا ملموسًا على المجتمع، وهنا يأتي دور الإعلام والمجتمع في تسليط الضوء على الجهود الحقيقية ومساءلة الجهات التي تكتفي بالمظاهر.

يمثل رمضان فرصة ذهبية للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لتعزيز دورها في التنمية المستدامة، ليس فقط عبر تقديم المساعدات، ولكن من خلال تبني حلول ذات أثر طويل الأمد. فالمجتمع اليوم أكثر وعيًا ويدرك أن العطاء الحقيقي لا يُقاس بحجم الحملات الإعلانية، بل بمدى تأثيره الفعلي على حياة الأفراد.

غاية القول: إن التكافل الاجتماعي يجب أن يكون التزامًا مستمرًا وليس مجرد مبادرات موسمية. المطلوب اليوم هو أن تتحول الأعمال الخيرية من مجرد مساعدات ريعية إلى مشاريع تنموية تسهم في تحقيق أثر حقيقي ومستدام، ليصبح العطاء جزءًا من منظومة التنمية الشاملة، وليس مجرد نشاط موسمي ينتهي بانتهاء الشهر الفضيل.