حضرت البارحة معرض بانكسي بدون حدود في فانكوفر، كانت مفاجأة جميلة أخبرتني عنها صديقتي بتي آن ورافقتني في الزيارة.
لا أعرف كيف أصف شعوري بهذا المعرض، هل هو فن، هل هو بوسترات سياسية، ما قيمته في عالم الفن؟ كيف يمكن تصنيفه؟ هذه ليست أسئلتي وحدي، هي أسئلة الكثيرين، ولعل هذا ما يجعل البحث عن قراءة فنية جادة في أعماله ليست مسألة سهلة.
استمتعت بالعرض بالتأكيد، كان قوياً، كان باهراً، لكنني خرجت وأنا أحمل تلك الأسئلة. يبدو أنه يجذب اهتمام عامة الناس، لكنه لا يترك أثراً قوياً عند النقاد.
لنتحدث قليلاً عن بانكسي، هو أحد أشهر الفنانين في العالم، لكن، المذهل أن لا أحد يعرف من يكون، فنان جرافيتي، يستيقظ الناس ليجدوا عمله على أحد الجدران، لكن له متابعين مهمين يقتنون أعماله التي تباع بالملايين.
مسألة غريبة، فمعارضه لا تحمل أعمالاً أصلية، بل نسخاً من أعماله، التي هي بالأساس تعتمد على طريقة الاستنسل. المعرض الذي حضرته يحتوي على مئتين من أعماله، مسألة ضخمة، ومتعبة إذا حاولت أن تقرأ كل المكتوب مع كل عمل.
بدأت شهرته حين بدأ في التسعينات برش الجدران بالطلاء بطريقة الاستنسل.
بريطاني مولود في السبعينات، أعماله في أغلبيتها تسخر من مسائل سياسية، أو اجتماعية والعمل الذي شهره في بريستول حيث بدأ، كان عبارة عن جدارية ضخمة للعبة الدب (تيدي بير) تلقي مولوتوف على شرطة مكافحة الشغب. كان ذلك في العام 1999. انتقل إلى لندن بعدها واستمر في نشر أعماله السياسية الساخرة على جدرانها. ثم اشتهر بعد ذلك في العالم كله، وصارت رسوماته تظهر في كل مكان. وأصبح ظهور عمل له حدثاً مهماً تتناقله الناس.
في 2018 بيعت لوحته الشهيرة الفتاة التي تحمل بالوناً برقم خرافي في المزاد لكن بمجرد إعلان البيع، تم تمزيق اللوحة تلقائياً، بطريقة نفذها الفنان نفسه، عن طريق زرع آلة التمزيق داخل اللوحة، وكان ذلك عبارة عن تعبير صارخ يعلن من خلاله بانكسي عن رفضه لتسليع الفن.
بغض النظر عن رأي النقاد في فن بانكسي، إلا أنه يستطيع من خلال تعليقاته الصارخة في أعماله أن يحدث داخلك ثورة ما. وبالتأكيد كعربية حين أرى أعماله التي تدين ممارسات جنود الاحتلال في فلسطين أو المشاركة في الحزن على كل الأرواح التي فقدت في سوريا، فلا يمكن أن لا أتعاطف أو أشعر بقيمة فنه.
بانكسي قد لا يكون فناناً مهماً من الناحية الفنية البحتة، لكنه فنان مؤثر على صعيد نقد المجتمع أو السلطة.
أو كما يقول الناقد جيري سولتز بانكسي ليس فناناً، بانكسي حركة.