أمتنا الإسلامية أمة عظيمة بكل مكوناتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تمثل قوة لا يستهان بها رغم تعدد مذاهبها، فذلك لا يفسد للود قضية، فالأساس واحد كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وإذا كان هناك خلاف فهو خلاف فقهي لا عقدي، يمكن أن تُقلص الفروقات فيه وصولاً إلى تقارب أكثر، واعتدال في المنهج يقود الأمة إلى تجانس يصب في مصلحة الأمة بأسرها.

المؤتمر الدولي: «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية»، الذي تُنظّمه رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، بحضور كبار مفتيّ الأمة الإسلامية وعلمائها، من جميع المذاهب والمدارس، في أكثر من 90 دولة، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه وسدد خطاه- يأتي استكمالاً لما توصلت إليه النسخة الأولى منه، وليكون المؤتمر في نسخته الحالية انطلاقاً لعمل إسلامي فاعل يتجاوز الأقوال إلى الأفعال، كما جاء في بيان رابطة العالم الإسلامي، الجهة المنظمة للمؤتمر «وضع البرامج العملية لوثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية، وتنسيق المواقف لمواجهة التحديات والمخاطر المشتركة، تأسيسًا لعملٍ منهجيٍّ يتبلور في مبادراتٍ ومشروعاتٍ تُعزِّز من منهج الاعتدال، وتدْحضُ خطاب الطائفية ومُمارساتِها»، هذا الأمر يعتبر وثيقة عمل يتم البناء عليها، والانطلاق منها باتجاه عمل إسلامي مؤسسي متكامل، هدفه جمع كلمة الأمة والتقارب بين مذاهبها وطوائفها، والبعد عن الخطاب المتطرف، والاتجاه إلى الفكر الإسلامي المعتدل الذي هو أساس ديننا الحنيف، فالمولى -عز وجل- قال في محكم كتابه العزيز: (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً).. فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه المولى -عز وجل- للبشرية جمعاء، ليكون ختاماً للديانات السماوية بكماله وتمامه، ونحن كأمة إسلامية علينا أن نتكاتف ونتعاضد لنبرز عظمة الدين الإسلامي، فهو الدين الكامل الذي ارتضاه المولى -عز وجل- للبشرية: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).

على أمتنا الإسلامية أن تكون أكثر اتحاداً ولحمة، أكثر من أي وقت مضى، وما انعقاد مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية»، برعاية من خادم الحرمين الشريفين في مكة المكرمة مهبط الوحي وفي شهر رمضان المبارك إلا حوافز مجتمعة، تدعو إلى اجتماع الأمة على كلمة واحدة، وتجعل من الأمة الإسلامية أمة أكثر قوة، فما يجمعنا كمسلمين أكثر بكثير مما يفرقنا.