لن أكون الأكثر علمًا بماهية المعروض على القنوات التلفزيونات الخليجية خلال شهرنا الجاري رمضان المبارك.. لكنني بحثت وتتبعت أبرز ما فيه من خلال قراءة لنقاد ومتابعة شخصية وآراء جماهيرية من على مواقع التواصل والمدونات، أردت منها أن تعطينا بعض التصوّر ولو القليل عما نحن بصدده خلال هذا الشهر الكريم الذي جعلنا منه تسابقًا تلفزيونيًا محمومًا لا ينفك أبدًا عن التخلي عن معايير الجودة والرقي لأجل الحظوة بأكثر عدد من المشاهدين.
المهم في القول إننا علِمنا أن أساسيات التلفزيون هي أخبار تعلمنا عما يحدث، وحوارات واستشهادات ترفع من معلوماتنا، وتمثيلية تزيد من تسليتنا، ومباريات رياضية تستفز تطلعنا وتوقد حماسنا.. لكن الآن جميعها تحت مقصلة المال بين التوتر والرداءة والاحتكار.. نسخ مكررة حاضرة لنتأكد بعدها أن التلفزيونات العربية ليست إلا تسابقًا محمومًا على صنع التفاهة بكوميديا أقرب إلى التهريج عنوانها الرئيس الإسقاط والابتذال.. وبرامج حوارية كل الهدف منها صنع إثارة ممجوجة لا تفيد ولا ترتقي بالمعلومة، بل إنها تضعفها أحيانًا.. وبينها جميعًا إعلانات يضيق الوقت منها من فرط كثرتها وتكرارها حتى أنها الأساس والمواد التلفزيونية التبع!
قبل أن نسترسل لا ننكر أن هناك أعمالًا رمضانية عالية القيمة وذات بعد تثقيفي عالي القيمة، وأحمد الله أن القنوات التي تنتمي لنا خليجيًا هي من يتبناها، كما هو مسلسل معاوية وشارع الأعشى وليالي الشميسي والطبعة ومن على نسقها تثقيفًا وفناً راقيًا.. وضدها هناك برامج تعتبر ركنًا مهمًا في تأسيس التفاهة، أداة تريد متلقيًا سلبيًا لحقن ما تريد من إعلانات في رأسه.. تريده استهلاكيًا يقضي وقته أمام الشاشة!
هنا نشير إلى البرامج الحوارية وكأنها صورة متكررة لكل رمضان تقريبًا نفس الأشخاص والحوار والدلائل والبحث عن أشياء غير مهمة للمشاهد.. ومع ذلك لن نبخس برنامج «الليوان» حقه لأنه مازال البرنامج المتّقد الرائع الذي يحضر في كل مرة بشأن فكري جديد ليكون أبرز برنامج حواري عربي وأكثرها مشاهدة.. بعدها لن أنغمس كثيرًا في البرامج الحوارية المباشرة مع الناس في الأسواق والمقاهي وغيرها بقصد الضحك عليهم أو إحراجهم.
في رمضاننا هذا استمرار آخر يسمى البرامج الدينية، تأخذ حيزًا لافتًا.. حتى أن كثيرًا من القنوات تستنفر للتسابق على المشايخ أصحاب الشعبية الأكثر لمنحهم برامج على قناتها.. ولا يهم لديها إن كان الأكثر علمًا أو الأقدر على الاستنباط والتسهيل فهما على المشاهدين، «واستثني قنوات السعودية الرسمية لأن معاييرها عالية ودقيقة في ذلك»، المهم أن يكون حاضرًا بمتلازمات يرددها المشاهدون، مثيرًا للتساؤل وأحيانًا الضحك.. وللأسف هناك من جعل مثل هذه البرامج ميدانًا للاختلاف أو حتى الكوميديا الضارة!
ختام القول؛ هي قراءة لآراء كثيرة وفق ما أكدت عليه مطلع التوطئة.. وقد يكون هناك ما هو أفضل أو ما هو أقل.. وما يهمنا هو نقل الثقافة بسلاسة والارتقاء بالذائقة والتسلية والحوار في كل ما يتعلق بالبرامج التلفزيونية في رمضان، لا سيما وأن هناك وقتًا كبيرًا يتم قضاؤه أمام التلفزيون خلال هذا الشهر الكريم.. لكن هل فعلت القنوات ذلك؟!