شهدت المملكة تحولًا تاريخيًا في مختلف المجالات بفضل رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي رسمت مسارًا جديدًا لتمكين المرأة السعودية. لم يعد تمكين المرأة خيارًا، بل أصبح واقعًا يعكس طموح المملكة في بناء مجتمع حديث يحقق الاستفادة القصوى من جميع أبنائه وبناته. فقد أكد سموه في أكثر من مناسبة أن المرأة ليست فقط شريكًا في التنمية، بل عنصرًا أساسيًا في ازدهار الوطن، قائلاً: "نصف المجتمع من النساء، وإذا لم نمكن المرأة، فنحن نخسر نصف إمكانات المجتمع."
منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، شهدت المملكة قفزات نوعية في تعزيز دور المرأة، مدفوعةً بالإرادة السياسية والدعم المستمر. لم يعد الحديث عن تمكين المرأة مجرد شعارات، بل تحول إلى واقع ملموس، حيث ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 17% في عام 2017 إلى 37% في عام 2023، متجاوزة التوقعات، ومحققة نجاحًا يعكس الإرادة الحقيقية للتغيير. أصبحت المرأة السعودية اليوم فاعلة في مختلف الميادين، ومسجلة إنجازات غير مسبوقة جعلتها نموذجًا عالميًا يُحتذى به.
في عالم الفضاء، كانت ريانة برناوي أول رائدة فضاء سعودية، كسرت الحواجز وأصبحت رمزًا لقدرة المرأة السعودية على تحقيق المستحيل. أما في المجال الاقتصادي، فقد برزت سارة السحيمي كأول رئيسة لمجلس إدارة تداول السعودية، حيث قادت السوق المالية إلى مستويات غير مسبوقة من النجاح. وفي عالم الدبلوماسية، تولت صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان منصب سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة، مسجلة اسمها كأول سعودية تشغل هذا المنصب الرفيع، وقالت في إحدى المناسبات: "تمكين المرأة ليس مجرد خطوة للأمام، بل هو قفزة نحو المستقبل الذي نستحقه جميعًا".
لم يكن هذا التقدم ليحدث لولا الدعم الكبير من القيادة السعودية، التي وفرت للمرأة بيئة تشجعها على النمو والتطور. من خلال برامج تدريبية، وتأهيل أكاديمي عالمي المستوى، ودعم لوجستي غير مسبوق، أصبح للمرأة السعودية الفرصة للإبداع والتميز في مجالات لم تكن متاحة لها من قبل. ومن الشخصيات البارزة التي ساهمت في هذا التغيير، مها الفريان، التي مثلت المملكة في مجموعة العشرين، وساهمت في صياغة السياسات العالمية لتعزيز دور المرأة، مؤكدةً أن "المرأة القوية هي أساس المجتمع القوي".
ومع هذا التقدم، واجهت المرأة السعودية تحدي تحقيق التوازن بين الطموح المهني والحياة الأسرية. ومع ذلك، فإن التحولات المجتمعية والتشريعات الجديدة ساعدت على خلق بيئة تُمكّن المرأة من النجاح في مسيرتها المهنية دون التخلي عن قيمها الأسرية، مما يعزز من استقرار المجتمع بشكل عام. لبنى العليان، إحدى أهم سيدات الأعمال في المملكة، تمكنت من قيادة مجموعة اقتصادية كبرى، وهي ترى أن "تمكين المرأة لا يعني فقط منحها الفرص، بل يعني تغيير المفاهيم نحو مستقبل أكثر شمولًا".
اليوم، لم تعد المرأة السعودية محصورة في أدوار تقليدية، بل أصبحت عنصرًا فاعلًا في الحوار العالمي حول تمكين المرأة وحقوقها. تفاعلها مع قضايا التعليم والمساواة يعكس مدى التغيير العميق الذي شهدته المملكة. هذه النجاحات لم تقتصر على المستوى المحلي، بل تخطت الحدود وأصبحت المملكة نموذجًا عالميًا في كيفية تمكين المرأة دون المساس بالقيم الاجتماعية والثقافية. وكما قالت ريم أسعد، نائبة رئيس سيسكو في الشرق الأوسط وأفريقيا: "المرأة ليست فقط شريكًا في النجاح، بل هي المحرك الأساسي للابتكار والتغيير".
ومع استمرار هذه القفزات النوعية، يبقى السؤال الأهم: ما الخطوة التالية؟ كيف يمكن الحفاظ على هذا الزخم وضمان استدامة تمكين المرأة في مختلف القطاعات؟ كيف يمكن استثمار نجاحات المرأة السعودية في خلق بيئة أكثر دعمًا للأجيال القادمة من النساء الطموحات؟ وما التحديات التي قد تواجهها المملكة في تحقيق تكافؤ الفرص الكامل بين الجنسين؟ إن الحكومة السعودية، من خلال استراتيجياتها الطموحة، تستمر في بناء منظومة شاملة لدعم المرأة، ولكن هل يكفي الدعم الحكومي وحده، أم أن المجتمع والقطاع الخاص عليهما دورٌ أكبر في ترسيخ هذه التغيرات؟
بينما تواصل المملكة خططها الطموحة، فإن رحلة تمكين المرأة لا تزال في بداياتها. ومع استمرار الدعم من القيادة الرشيدة، فإن المرأة السعودية لن تكتفي بالمشاركة فحسب، بل ستواصل قيادة التغيير، وإلهام الأجيال القادمة، وإثبات أن قوة المجتمع تكمن في استثمار طاقات جميع أفراده.
المرأة السعودية لم تعد فقط تصنع التاريخ، بل تكتب فصوله القادمة بثقة، وطموح، وإبداع.