لا بد من فتح باب الإبداع والمبادرات في ملف التعليم، وكذلك فكرة مدارس الأون لاين، أو الدراسة عن بعد كما تسمى، وتحديد مناهج مخصصة لذلك، أو تحديد أيام دراسية لتخفيف الضغط على الأهل وعلى الطرق والأزمات المرورية، ما أقصده أننا نحتاج ورشة عمل وطنية للتفكير خارج الصندوق، والغاية كلها هي نشء وطني متسلح بالعلم يخدم وطنه بكل حرص وأمانة واقتدار..

كل ما هو جديد وكل مستقبل نحن قادمون إليه، وكل تطوير وتنمية، يعتمد ذلك كله على أساس واحد اسمه التعليم، التعليم الذي يخرج ويقدم لنا رجالات الحاضر والمستقبل، وكلما كانت مخرجات التعليم في كافة مراحله -خاصة الأساسية- قوية ومتطورة، كانت دورة العمل مستقبلا أكثر نجاحا وإنتاجية، وحين نتحدث عن ملف التعليم فالأمر كبير جدا، ولا يقتصر على معلم وطالب، بل هو منظومة متكاملة لا بد من اندماجها ونجاح كل تفصيل فيها، من كادر وزارة التعليم إلى المدارس ومنظومتها في قطاعيها الخاص والعام، إلى النقل المدرسي والسلامة المدرسية، حتى تصل إلى الطالب وأهله وبيئته، والنتيجة المنشودة هو عقل متعلم مثقف مهيأ لكي يقود مسيرة نماء الوطن وازدهاره وتقدمه.

مؤخرا أقيم ملتقى الاستثمار في التعليم، وتم افتتاح الملتقى برعاية وزير التعليم يوسف البنيان وحضور وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل، وكذلك عدد من المستثمرين في هذا المجال سواء الفعليين أو الراغبين، ومسؤولون في القطاع العام المختص بملف التعليم، والغاية هي تمكين القطاع الخاص من الدخول في مجال الاستثمار في التعليم في المملكة، وما يرافقه من المزيد من المدارس الأهلية، كذلك كيفية تطوير أداء المعلم وتمكينه بالمزيد من المهارات والقدرات، حتى نصل إلى بيئة تعليمية إيجابية تعمل على تحقيق أهداف رؤية 2030، ونصل إلى مرحلة المنافسة العالمية سواء على مستوى التعليم في المملكة بشكل عام، أو على مستوى مهارات وقدرات الطلاب بشكل فردي.

عبر منصة X تم توحيد الجهود، وفتح باب المشاركة والحوار، وتم التفاعل من قبل العديد من المغردين المختصين بالشأن التعليمي، أو ذوي الاهتمام العام، معالي وزير التعليم أكد أن باب الاستثمار في التعليم مفتوح ليصل إلى 50 مليار ريال سعودي بحلول العام 2030، وهذا كلام منطقي جدا، لأن المملكة كلها في عملية اتساع رقعتها الجغرافية المأهولة سكانيا، كذلك زيادة التعداد السكاني سواء من المواطنين أو المقيمين العاملين، وبالتالي فإن الحجم الموجود الآن من المدارس لا يكفي لتغطية الحاجة والطلب، وكلمة لا يكفي بشقيها، لا يكفي من حيث التعداد، ولا يكفي من حيث التوزيع الجغرافي.

حقيقة ملف الاستثمار في التعليم أسوة بملفات أخرى كملف الاستثمار في القطاع الطبي، يعتمد على أسس وقواعد معينة، أهمها جودة التعليم ومدخلاته، والتكلفة التي تبنى عليها هذه الجودة، والتكلفة بكل حال وبشكل رئيس تتم تغطيتها من الرسوم الدراسية، كذلك من الأنشطة المصاحبة في المدرسة غير المجانية، نعم هو استثمار، ولا بد من تحقيق الربحية والاستدامة، ولكن هذا لا يمنع أبدا من عمل تنظيم خاص حتى يتم من خلاله ضبط عملية الرسوم والتكلفة على الطالب، لأن ترك الأمر مبنيا على أساس الحاجة والطلب أمر غير صحي، ونعلم أن العديد من مدارس الشركات الخاصة، تواجه مشكلة في عملية تحصيل الرسوم، وهذا يلزم معه وجود آليات تسهيلية تضمن أن تدفع الرسوم دون إثقال عبء أهل الطالب، فكلما سهلت على أهل الطالب عملية دفع الرسوم زاد عدد المنتسبين للمدارس الخاصة، وكلما خف الضغط على المدارس الحكومية ارتفع مستوى التعليم بشكل عام في المملكة.

نحتاج إلى مبادرات مستقبلية، وعلى سبيل المثال، مبادرة تختص بكيفية اقتطاع مبلغ بسيط جدا من كل رجل وامرأة متزوجين حديثا، ويكون هذا الاقتطاع مقابل تغطية نفقات دراسة أولادهم مستقبلا، ومستقبلا تعني بأبسط الأحوال بعد ست سنوات من الزواج، بحيث عندما يصل الطفل الأول للعائلة لمرحلة الدراسة تكون قيمة تكلفته الدراسية في المدارس الأهلية أو العالمية صفر، ويحق لكل مشترك استعادة ما دفعه إذا لم يرغب مستقبلا في إدخال أولاده في المدارس الأهلية، وهذا يلزم أن يكون صندوق هذه المبادرة برعاية حكومية لأجل الضمان، ويمكن أن يتم استغلال هذا الصندوق استثماريا بحيث تدعم أرباحه المدارس الحكومية، وهكذا بمبادرة بسيطة باقتطاع بسيط، نطور مدارسنا الحكومية، ونقدم فرصة للأهل لكيلا يتحملوا تكلفة دراسة أولادهم مستقبلا في القطاع الخاص.

لا بد من فتح باب الإبداع والمبادرات في ملف التعليم، كذلك الأمر فكرة مدارس الأون لاين، أو الدراسة عن بعد كما تسمى، وتحديد مناهج مخصصة لذلك، أو تحديد أيام دراسية لتخفيف الضغط على الأهل وعلى الطرق والأزمات المرورية، ما أقصده أننا نحتاج إلى ورشة عمل وطنية للتفكير خارج الصندوق بالعصف الذهني، لنعرف إلى أين وصل العالم في هذا المجال، وكذلك نقدم إبداعات ومبادرات جديدة، والغاية كلها هي نشء وطني متسلح بالعلم يخدم وطنه بكل حرص وأمانة واقتدار.