في معركة المصالح وفي هذه الأجواء العالمية المتغيرة وحرب الرسوم الجمركية، يصبح الموقف السعودي حاسمًا، وهو موقف مدعوم من العالمين العربي والإسلامي ومن دول كثيرة تنتظر الفرصة للتخلص من الابتزاز الصهيوني وفرض حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية..
ربما تكون القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة من أهم القمم العربية التي أكدت على وحدة الموقف العربي في وجه المخططات الصهيونية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية التي تُعد القضية المحورية لدول وشعوب العالمين العربي والإسلامي. وقد حمل البيان الختامي للقمة رسالة واضحة أن العالم العربي يقف صفًا واحدًا في مواجهة التغول الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن منطقة الشرق الأوسط لن تشهد السلام والاستقرار إذا لم يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة في الاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني كما تنص على ذلك القرارات الدولية ذات الصلة.
أما الرسالة الأهم التي عبّرت عنها هذه القمة فهي رفض أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة أو احتلاله أو ضمه تحت مسميات غريبة، وقدمت بديلاً عربيًا لهذه المحاولات المرفوضة التي تحلم بها العصابات الدينية الحاكمة في الكيان الصهيوني والمدعومة من بعض الأوساط داخل الإدارة الأميركية.
لقد عجز العالم حتى الآن عن لجم الوحشية الصهيونية وعن فرض القرارات الأممية الداعية إلى وقف المذابح وحرب الإبادة والتجويع والإرهاب والتدمير وسرقة الأراضي الفلسطينية لجعل حياة الشعب الفلسطيني جحيمًا لا يطاق على أمل كسر إرادته ودفعه إلى الهجرة. وقد اكتفى هذا العالم ببيانات الشجب والطلب من الكيان الصهيوني مراعاة القانون الإنساني مع التأكيد على حقه في "الدفاع عن النفس"، ما يعني في الوقت ذاته ضمنيًا أن الشعب الفلسطيني لا يحق له الدفاع عن نفسه وأن عليه الاستسلام أو مواجهة حرب الإفناء أو "فتح أبواب الجحيم" التي بدؤوا يرددونها في الفترة الأخيرة.
وفي كل مناسبة لا يفوّت المسؤولون الغربيون الحديث عن هجوم 7 أكتوبر واتهام الفلسطينيين بالإرهاب، متجاهلين حقيقة أن الشعب الفلسطيني هو ضحية للاحتلال الاستيطاني اليهودي لأرضه، وأن رفض الكيان الصهيوني لكل اتفاقيات ومبادرات السلام هو السبب الرئيس وراء استمرار المقاومة المشروعة لهذا الشعب المتمسك بحقه في الحياة.
لهذا جاء البيان الختامي للقمة العربية ليضع العالم أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية، إذ من غير المعقول أن تتداعى الدول الأوروبية لنصرة أوكرانيا لحد الاصطدام مع الإدارة الأميركية في الوقت الذي تستجدي فيه أمام الكيان الصهيوني الذي يهدد أمن الدول العربية المجاورة وينفذ سياسات همجية للتمدد في قلب العالم العربي.
وكان واضحًا للمراقبين أن الموقف العربي كان ثمرة جهود بذلتها القيادة السعودية لتوحيد الصف العربي أمام الأخطار الوجودية، ومنها القمة التي استضافها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الرياض مؤخرًا بين الرئيس المصري والعاهل الأردني وقادة مجلس التعاون الخليجي.
وقد أكد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان ثوابت المملكة الرافضة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم والمساس بحقوق الشعب الفلسطيني، والسعي لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، مطالبًا بضمانات دولية لتثبيت وقف النار في قطاع غزة الذي يحاول رئيس وزراء الكيان الصهيوني إفشاله.
لقد كان الطلب الأميركي من المملكة استضافة المحادثات الروسية - الأميركية التمهيدية لوقف الحرب في أوكرانيا اعترافًا بالثقل السياسي للمملكة على الساحة الدولية، ولهذا فإن الإدارة الأميركية والدول الأوروبية لن تفرط في نهاية المطاف بمصالحها الكثيرة مع المملكة وستراجع سياساتها مع هذا الكيان المغامر.
في معركة المصالح وفي هذه الأجواء العالمية المتغيرة وحرب الرسوم الجمركية، يصبح الموقف السعودي حاسمًا، وهو موقف مدعوم من العالمين العربي والإسلامي ومن دول كثيرة تنتظر الفرصة للتخلص من الابتزاز الصهيوني وفرض حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية.