لو كانت الحياة كلمة والأخلاق كلمة، لكان الإنسانُ جسًرا بينهما، ولكن شاءت الاقدار أن تكون الطبيعة البشرية جملة من الحكايات يكتبها الإنسان بأفعاله ويرويها للأجيال كتابًا مسطورًا؛ وإن يكن هو ذا. لكن كيف لهذا العقل أن يُبدي تفاؤله أو حتى حُكمه على الأشياء التراجيدية.

هل سلطة الإنسان هو نفسه أم عقله أم شعوره؟

أي شيء من هذه التساؤلات يرتكز عليها الأخلاق؟ وهل نبحث عن إجابةٍ في صميم كلمة حياتنا اليومية؟ وهل نراقب تصرفاتنا بديمومة زمنية؟ وإن كنا على هذا المنوال ربما نعيد أنفسنا ونكررها وننسخها على التوالي!

لا شيء في هذا الشيء غير البحث عن حكمة تنبئنا عما هو جديد، ولكن أي حكمة تلك؟! نحن لا نريد حكمة مزيفة تبرر أعمالنا السيئة، ولعل بعضنا يعيش هذا الوهم من دون شعورٍ منه، تلك إذًا قصة يحتار القلم في حبكتها ويفكر كيف يختمها، لا كيف يعالجها.

فجملة الحياة في هذا الكون من روايات ودروس ومناهج وعلوم بفروعها المتنوعة هي ليست نتاج العقل وحده، وإنما نتاج أخلاقنا هي من جعلت الفلسفة تنبثق من عقول الفلاسفة كي تِصلح ما أفسده التغيير، فليس كل تغييرٍ إصلاح؛ ولا جديدٍ يعطي لنا آمالاً جسيمة، وإنما بين حركةٍ وأخرى تقع الأخطاء وهي سوء الظن والتسرع في القول أو الفعل (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) هناك حركة ونهج نظري فرؤية التاريخ من كل أبعاده يعطي لنا الحكمة لناسٍ سلكوا نهجًا معوجًا؛ فما كان ينتظرهم إلا الخيبة وسوء المنقلب من إتباع أخلاقٍ لا يحكمها العقل ولا المنطق.

فمنطق العقل أن تقرأ التاريخ وتطلّع على ثقافة الشعوب في حاضرها وماضيها، من أجل أن تفتح لحياتك جملة عادلة تقرأ لحظاتك الزمنية في هدوء وسكينة صامتة لا يحدوها شائبة ولا نازلة. فكل أخطاء بني الإنسان إتخاذ لحظةً جاءت من كلمةٍ ناشزة أعدت لهدم ما بناه الإنسان من أخلاقٍ فاضلة.

ومن هذا الفصل من تاريخه تبنى حضارة أخلاقية جديدة على انقاض الأخلاق القديمة ولا يتحقق نجاحها المتعالي إلا بدراسة الإرث القديم من استخراج النتائج إن كانت صالحة يتم تجديدها ببيانٍ رصين وعقلٍ حكيم، وإن كانت تحمل بذور الشر يتطلب الاجتثاث الفوري. إذ لا ينبغي أخذ الشيء السيء ووضعه في نصاب الحاضر فتكون النتيجة وخيمة مستقبلًا، لأن كل شيء يحمل بذور فساده؛ إذ لا أضع مفسدة الماضي مع مفسدة الحاضر المستجدة توًا؛ فالمعالجة تحكم عليّ أن أصور الأشياء قبل اتخاذ قرار السلوك فيها.