كشفت دراسة حديثة في فرنسا عن ارتفاع ملحوظ في أعداد الإسلاميين الذين اختاروا مغادرة البلاد خلال الفترة الممتدة بين عامي 2007 و2022م. وأظهرت الدراسة، التي نشرتها مجلة "جورنال دو نيوز"، أن دوافع هؤلاء المغادرين تركزت حول السعي للعيش في بيئة تتماشى مع هويتهم الدينية والقيم الثقافية التي يتبنونها.
وأوضحت الدراسة أن معدل الهجرة كان منخفضًا للغاية حتى عام 2012م، حيث لم يتجاوز أربع حالات سنويًا، ومع ذلك، تسارعت وتيرة المغادرة بشكل واضح بين عامي 2013م و2016م، لتصل إلى ما بين 10 و50 حالة سنويًا، وبلغت هذه الهجرة ذروتها في عام 2019م، مع تسجيل 62 مغادرة، قبل أن تشهد تراجعًا مؤقتًا في عام 2020م بسبب قيود السفر المرتبطة بجائحة كورونا، لتعود وترتفع مرة أخرى في عام 2022م مع تسجيل 69 حالة.
وأشارت الدراسة إلى أن دوافع المغادرة تعود بشكل رئيسي إلى الرغبة في العيش في مجتمعات ذات أغلبية مسلمة توفر بيئة متوافقة مع الهوية الدينية للمغادرين، وأظهرت الإحصائيات أن 45% من المهاجرين اختاروا مغادرة فرنسا نهائيًا، بينما كانت مغادرة 55% مؤقتة، مع نية العودة في وقت لاحق.
ومن حيث الوجهات، احتلت المغرب المركز الأول كوجهة مفضلة بنسبة 45%، تليها الجزائر بنسبة 18%، ثم مصر بنسبة 11%، كما شملت الوجهات الأخرى المملكة المتحدة (8%)، موريتانيا (5%)، تونس (5%)، وتركيا (5%).
ووفقًا للدراسة، ينتمي ثلث المهاجرين إلى تيارات سلفية، حيث يسعى هؤلاء إلى مجتمعات ذات قيم دينية أكثر محافظة، وذكر معدو الدراسة أن “العديد من المغادرين يفضلون الانفصال عن نمط الحياة الغربي الذي يعتبرونه بعيدًا عن قيمهم، لذا يتوجهون نحو دول ذات أغلبية مسلمة”.
كما تناولت الدراسة ظاهرة “الهجرة الداخلية” داخل فرنسا، حيث يختار بعض الإسلاميين الانعزال عن المجتمع الفرنسي وتشكيل بيئات محلية ذات طابع ديني وثقافي محدد، كما هو الحال في مدن مثل مرسيليا أو فالنسيا. وتحدثت الدراسة عن ارتباط هذه الظاهرة بدوافع اقتصادية ومهنية، إلى جانب الرغبة في الحفاظ على الخصوصية الثقافية.