<br />يقال في الأثر كان هناك صديقان يحبان بعضهما، تمرحلا بين مراحل الصداقة من زمالة وصحبة وصداقة حتى أصبحا خليلين، أحدهما غني والآخر متوسط الحال، يتقابلان كل يوم ويصليان الخمسة فروض سويا ويدعوان بعضهما على الطعام ويتسامران، ويتزاور أهلهما كذلك. الغني يملك مزرعة كبيرة فيها من الخير الكثير ويرسل مع خادمه كل يوم قربة من اللبن الطازج إلى صاحبه قبل صلاة الظهر حتى يشرب منها مع الغداء وينعم بقيلولة جميلة هادئة عميقة مريحة، هكذا كل يوم. في يوم من الأيام حدث بينهما خلاف، زاد هذا الخلاف وتطورت فجوته بعد دخول الشيطان بينهما وبدأت علامات القطيعة بين الخليلين.<br />يُصلي كل منهما بعيدا عن الآخر بعد أن كانا متجاورين ويدخل كل منهما من باب مختلف بعد أنا كان يجمعهما باب واحد، بل حتى اللبن الذي كان يُرسل كل يوم ويضفي نكهة جميلة على الغداء والقيلولة انقطع في اليوم التالي، فقال لزوجته: ألم يرسل صاحبنا لبناً اليوم ؟ قالت زوجته لا، قال لعل له عذرا. وفي اليوم التالي تكرر نفس الحال، فقال لعل له عذرا، وكذلك اليوم الثالث فقال سأذهب إليه وأنظر ماذا أصابه فلعل حادثً حدث أو أمرا سيئاً فمهما كان هو صاحبي، اتجه إلى منزله ماشياً مسرعاً حتى وصل إليه وطرق الباب، فإذا بالصاحب الغني يفتحه وكانت المفاجأة أنه سليم معافى فقال: أينك يا رجل وأين اللبن الذي كان دائما يخبرني أنك بخير؟ فقال له والله لم يردّني عن إرسال اللبن إلا أنني خشيت أن ترفضه فيزيد الشيطان الخلاف خلافاً فشق عليّ ذلك، فرد قائلا وفوق القطيعة تقطع اللبن ؟<br />ألا تكفي قطيعتك فتقطع فوقها اللبن أيضا ؟ اللبن كان كل يوم يبلغني عن حبك لي ويرسخ جسر التواصل بيننا، فلما انقطعت أنت انقطع هو معك. فخجل من صاحبه وقال والله ما ينقطع منك بل سأوصله لك من اليوم على كتفي وانتهى الخلاف وعاد إبليس تعيسا. ما أعجبني في هذه القصة هو رُقي العتاب وروعة الخلاف، هؤلاء هم من كانوا يسمون الزعل «وقفة خاطر» فهم يجملونه حتى وإن كان منبوذا حتى لا يكبر أثره في النفس ثم ينتقل إلى الجوارح.<br />@Majid_alsuhaimi