<br />كان العالم يعرف آن هناك خللاِ بنوياً في جذور الدولة والمجتمع السوري منذ مايزيد عن خمسة عقود تعود أُسس هذا الخلل إلى العلاقة غير المتوازنة في رغبات الناس يعني الشعب والمجتمع السوري بكتلته الغالبة ، وبين محددات قام عليها النظام السياسي أو اعتمدها ركائز لاستمراره وتقدمه تلك الركائز كانت تسلط عائلة الأسد واحتكارها للسلطة بمعنى احتكار صناعة القرار لنفسها دون مشاركة لأي جهة أخرى وطنية أو دستورية أو حتى عملية و واقعية.<br />كان هناك تركيز على هيمنة الطائفة حيث غدت هي صاحبة الحظوة في المناصب وفي توزيع قوة السلطة في المجتمع مع تهميش باقي المكونات الأخرى في منظومة المجتمع السوري وهي كثيرة ومتعددة، ثم كان هناك الاعتماد على قوة وهيمنة الحزب يعني حزب البعث العربي الاشتراكي،هذه العناصر الثلاثة نسجت صراعاً داخلياً في سوريا بين السلطة وبين الناس ولان هذه الأدوات لايمكنها أن تحفظ للنظام السياسي عنصري الاستدامة والقوة لجأ النظام عبر مزج كل هذه الأدوات وتطعيمها بفكرة السجون لكل صوت يحتمل أن يشكل خطراً عليه.<br />هذه الجزئية ربما كانت أخطر الافكار التي تبناها النظام السوري حيث كان لها آثار سلبية على المجتمع وعلى بنيته الداخلية وعلى مستقبله فلكونها أداة قسر وقوة فالتاريخ يخبرنا أنه ستؤدى الغرض لفترة محدودة لكنها لن تستمر إلى الأبد، لانه معروف سلفاً أن النظام الذي يقوم على هذه التوليفة من العناصر سيسقط بمجرد استيفاء النموذج الذي صنعه لعمرة الزمني وبمجرد انكساره.<br />في سوريا سمع المجتمع الدولي عن السجون فيها منذ ماعُرف بالانقلاب التصحيحي الذي جاء بحافظ الأسد للسلطة في مطلع سبعينيات القرن الماضي وفي هذه المرحلة التي استمرت قرابة الثلاثة عقود تم بناء النموذج وفي الحقيقة أنه في سوريا كان هناك نموذجين للحكم والإدارة وتسيير أمور الدولة الأول المعلن للناس أو مايسمى بالدستور للجمهورية العربية السورية وهو في صورته الأولية جميل وبراق ويحفظ الحقوق والحريات رغم أن الصلاحيات فيه للرئيس طاغية ورغم محدودية دور البرلمان وضعف دور القضاء الذي عادة ما يخضع لسلطة أجهزة الأمن التابعة للنظام، وهناك النظام الموازي القائم على ثلاثية العائلة والطائفة والحزب وهو الدينمو المحرك لكل شيئ فوق الأرض، هذه الثنائية كان من الطبيعي أن تنتج للسوريين ديمقراطية السجون التي اجتهد النظام في بنائها أكثر مما اجتهد في بناء المدارس والمرافق المدنية.<br />@salemalyami