<br />تدرجت طرق الترفيه في مجتمعاتنا الخليجية، من أيام لعبة «طاق طاق طاقية»، «المحطة»، «الطناقير» والحجيرات»، إلى الصندوق الكبير الذي بدأ بالبث بالأبيض والأسود ليجتمع حوله جميع أهل الحي للتسلية، حتى عصرنا الحالي الذي يمتلك فيه كل شخص «حتى الأطفال» العديد من الأجهزة التكنولوجية المتطورة.<br />لا أعتقد أن أطفال الوقت الحالي يستطيعون فهم سعادة طفل وهو ذاهب للنوم بعد يوم حافل من اللعب مع أصدقائه في الهواء الطلق وتحت أشعة الشمس، فقط لأنه انتصر عليهم وفاز بـ»طنقور» جديد ومرتب أو مجموعة من «الطناقير» من خشب النخيل! ولمن لم يسمع بالألعاب أعلاه، فليبحث في جوجل أو اليوتيوب ليأخذ فكرة عن ألعاب الزمن الجميل الشعبية، لا يخفى على أحد ممن عايش ولو القليل من تلك الفترات الزمنية أو سمع عنها تطور الحياة وازدياد التكنولوجيا والذي رافقه تناقص مطرد في الشعور بالسعادة من جيل إلى جيل، كانت الأجيال السابقة سعيدة بألعاب من الخشب والحجارة، بينما يفتقر جيل اليوم للسعادة على الرغم من امتلاكه لأحدث الأجهزة، ودائماً ما يشعرون بالملل ويتذمرون، إضافة لضيق الخلق والعصبية.<br />لقد ارتبط مفهوم الترف بالثراء المالي أو اقتناء الأشياء باهظة الثمن، حيث يعتبر الحصول على الأشياء الفاخرة والمادية علامة على الرفاهية. وارتبط مفهوم البساطة بطبقات المجتمع المتوسطة والفقيرة.<br />عندما نتحدث عن البساطة، فإننا نشير إلى القيم واللحظات التي لا تقدر بالمال، بل تكمن قيمتها في جوهرها وما تتركه من أثر روحي جميل على الإنسان، إنها الأشياء البسيطة التي تجلب لنا السعادة الحقيقية والراحة وتعطينا القوة والهدوء في عالم مليء بالضجيج.<br />في عالم يتسم بالتعقيد والسرعة، يبرز جمال الأشياء البسيطة كخيط ضوء من أشعة الشمس يتسلل من خلف الغيوم ليذكرنا بأهمية وروعة تلك الأشياء المتوفرة للجميع.. أريكة المريحة، كتاب ينقلنا إلى أزمان وعوالم مختلفة، اجتماع عائلي حميم مفعم بمشاعر الحب والانتماء، نزهة على شاطئ البحر مشياً على الأقدام، أو كوب قهوة دافئ يوقظ حواسنا ويضبط مزاجنا لمواجهة تحديات يومنا والتغلب عليها، كل تلك الأشياء البسيطة هي ترف من نوع خاص لا يمكننا تجاهله ولا يمكن لأحد سلبه.<br />الترف شيء نسبي، فالصحة وسط المرضى ترف، الخبز وسط من لا يملك قوت يومه ترف، الأمومة والأبوة بين من حرم منهما ترف، الأمان وسط الحروب ترف، حتى راحة بال من لا يمتلك الكثير من الأموال يحرسها ويخاف عليها من السرقة تعتبر ترفا، في عالم يتجه بقوة لتقدير الماديات، من المهم أن نذكر أنفسنا بأن السعادة أصلها ينبع من الداخل وأن الترف الحقيقي يكمن في القدرة على الاستمتاع بالأشياء الصغيرة والقيم الحقيقية في الحياة.<br />«البساطة هي أعلى درجات الترف الراقي» هذا المثل الفرنسي الجميل يعكس فلسفة الاعتدال، ويخبرنا أن البساطة هي الترف الحقيقي، إنها القيمة التي تجلب لنا التوازن والسلام الداخلي وتجعلنا ندرك جمال الحياة الذي لا يشترى بالمال.<br />@Waseema<br />