<br />في لقاء مميز جمعنا مع رئيس الهيئة العامة للإحصاء، لمسنا عن قرب الجهود الحثيثة التي تبذلها الهيئة في توثيق البيانات والإحصاءات الوطنية التي تعكس صورة حقيقية لواقع التنمية في المملكة، وتفتح آفاقًا واسعة لتحسين جودة الحياة في مختلف المجالات، كان اللقاء فرصة للتعرف على عمق العمل الإحصائي الذي يتجاوز كونه أرقامًا إلى كونه ركيزة أساسية لصناعة القرار ورسم السياسات.<br />ما يميز الهيئة العامة للإحصاء أنها لا تقتصر على تقديم أرقام مجردة، بل تسهم بفعالية في دعم جهود التنمية من خلال تقديم بيانات دقيقة تُمكن صناع القرار من وضع سياسات قائمة على الأدلة، خلال لقائنا بالرئيس، تأكدنا أن الهيئة تعمل وفق أعلى المعايير الدولية في جمع وتحليل البيانات، وهو ما يعزز مكانة المملكة عالميًا في هذا المجال.<br />إحدى النشرات التي أثارت اهتمامنا خلال اللقاء كانت «إحصاءات تنمية الطفولة المبكرة ورفاهية الطفل 2024»، هذه النشرة سلطت الضوء على مرحلة الطفولة المبكرة باعتبارها إحدى أولويات رؤية المملكة 2030، حيث تمثل هذه المرحلة حجر الأساس في بناء مجتمع مزدهر ومستدام.<br />من الإحصاءات اللافتة أن 82.33% من الأطفال في الفئة العمرية «24-59 شهرًا» يسيرون على مسار النماء الصحيح من حيث الصحة، التعلم، والرفاه النفسي والاجتماعي، كما أن نسبة الأطفال الذين ينشؤون في بيئات منزلية محفزة بلغت 82.90%، ما يعكس نجاح السياسات والمبادرات الوطنية التي تركز على دعم الأسرة باعتبارها الحاضنة الأولى للنمو السليم للأطفال.<br />رغم هذه الإنجازات، تشير الأرقام إلى أن نسبة الأطفال الملتحقين ببرامج تعليم الطفولة المبكرة للفئة العمرية «36-59 شهرًا» لم تتجاوز 9.54%، وهو مؤشر يدعو إلى مواصلة العمل لتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية هذه البرامج ودورها في إعداد الأطفال للمرحلة المدرسية.<br />قراءة وتحليل<br />النشرة أوضحت كذلك أن نسبة المشاركة في التعلم المنظم قبل عام واحد من التعليم الابتدائي وصلت إلى 64%. اللافت هنا أن الإناث السعوديات في عمر الخمس سنوات سجلن نسبة أعلى بـ 65.58% مقارنة بالفتيان، مما يعكس اهتمام المملكة بدعم تعليم الفتيات منذ المراحل المبكرة، بما يتماشى مع أهداف تمكين المرأة في رؤية 2030.<br />على الجانب الآخر، أظهرت الإحصاءات أن 33.4% فقط من الأطفال دون سن الخامسة يمتلكون كتابًا واحدًا على الأقل، في مقابل 90.6% من الأطفال «5-7 سنوات» الذين يستخدمون الأجهزة الرقمية يوميًا، هذا التفاوت يعكس تحديًا في تعزيز ثقافة القراءة المبكرة، مع ضرورة التوازن في استخدام التكنولوجيا كوسيلة تعليمية.<br />الاستثمار في الطفولة المبكرة ليس خيارًا، بل ضرورة وطنية لضمان جيل قادر على قيادة المستقبل. الإحصاءات التي توفرها الهيئة العامة للإحصاء تمثل خارطة طريق لتحسين المؤشرات الحالية، والاستمرار في تحقيق أهداف رؤية 2030 التي تضع الإنسان في قلب التنمية.<br />@DrLalibrahim<br />