<br />أيام قليلة تبقت على انتهاء المهلة الممنوحة من المحكمة العليا في أمريكا لحظر التطبيق الصيني للفيديوهات القصيرة «TikTok» تيك توك، ابتداءاً من 19 يناير الجاري أو التخلي عن الاسثمار وبيعه لشركة وطنية – أمريكية ، ولا بارقة أمل تلوح في الأفق لانفراج الأزمة التي تعد سابقة في تاريخ الولايات المتحدة التي تزعم أنها بلاد الحريات الإعلامية، لتؤكد مجدداً حقيقتان، أولاهما بأن المنصات الاجتماعية لشركات التقنية ليس مجرد وسائل إعلام وتواصل بل تشمل أغراضاً سياسية واستخباراتية، وثانيهما هو خطورة الاعتماد المفرط للدول والمجتمعات على منصات الإعلام الجديد المملوكة بواسطة شركات أجنبية على حساب مؤسسات الإعلام المحلي.<br />تقدر إيرادات الإعلانات الأمريكية لتيك توك في عام 2024 بأكثر من 12 مليار دولارا وفقًا لتقرير الجارديان عن شركة أبحاث متخصصة، ومع اقتراب موعد خيار الحظر المحتمل، لا يبدو أن المعلنين قد أصابهم الفزع، حتى أن بعض المحللين يتوقع موجة زيادة في الإعلانات وإن كانت ليست طويلة الأمد، ومرد ذلك أن التطبيق لن يختفي فجأة من حسابات المستخدمين النشطين الآن في حال إقرار الحظر، بل سيظل متاحاً لاسخدامهم، لكنه سيمنع تحميله للمستخدمين الجديد، كما سيختفي تطبيقات متجر آبل وأندوريد، فضلا عن أن تحديثاته ستتوقف عن المستخدمين الحاليين، كما أن من مزايا التجارة الإلكترونية للتطبيق «TikTok Shop»، أن تتيح للمستخدمين شراء المنتجات مباشرة من مقاطع الفيديو، وهو ما ليس لها منافس مباشر يمكن للمعلنين التبديل إليه بسهولة. لذا، فإن وكالات التسويق الرقمي في أمريكا كانت تزال توقع عقوداً مع عملاء لبناء حملات على تيك توك حتى شهر ديسمبر الماضي، فضلاً عن أن استخدام الشبكة الافتراضية الخاصة «VPN» التي تحجب موقع المستخدم سيثؤثر على فعالية الحجب الكامل.<br />وفي خيار البيع أو التخلي عن الاستثمار، تبدو الأخبار عن استحدواذ محتمل من الون ماسك أو مستثمرين آخرين على تيك توك، مجرد تكهنات، فالتطبيق المملوك لشركة «ByteDance» الصينية يمكن اعتباره ممثلاً للحكومة الصينية، وقرار كبير بحجم بيع تيك توك في أمريكا، يحتاج موافقة حكومية وهو أمر غير مرجح في ذهنية صانع القرار في دولة عظمى، في حين أن سحب الاستثمارات معقد وغير ممكن من الناحية التقنية والتجارية والقانونية.<br />قبل النطق بالحكم الفصل بساعات ستستمع المحكمة الجمعة، مجدداً إلى مبررات متحدثين من «TikTok» في محاولة أخيرة لمنع تنفيذ القانون الذي وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبين خيارين شديدي المرارة - الحظر أو سحب الاستثمارات، رأيي أن الشركة الصينية ستفضل الحظر على أن توافق طواعية على بيع تيك توك لألون ماسك أو لغيره من المستثمرين ليس فقط بل لأن مثل المشاريع الإعلامية المؤسساتية لا تهدف إلى الربح المادي من أجل الربح المادي، بل مؤسسات الإعلام سواء الجديد أو التقليدي تعد مشاريع وأصول سيادية للدول لا تقبل البيع ولا ينبغي المساس بها.<br />@woahmed1<br />