<br />رحلة الحياة مليئة بالدروس والمواعظ والقيم المكتسبة من أمور عدة حولنا وقد تكون هذه الدروس في الكتاب او النصيحة او موقف او ذاكرة مرت على زمان معين ، ولكن ان تتشكل الموعظة والدرس في احد مخلوقات الله التي لا تربطك بها وسيلة تخاطب مباشرة تمكنك من الحديث معها وتبادل الأفكار ورغم ذلك كله تجد نفسك تبني معها الذكريات ومن خلالها تكتسب الخبرات وما يعزز الثقة بالنفس فانت هنا امام مشهد مختلف مبني على الادراك العميق لما يجول حولك في هذا الكون الفسيح وهنا استشهد بما دار بيني وبين شجرة الجيران الملهمة .<br />دعوني اعود بكم إلى ذاكرة إحدى صباحات شهر رمضان المبارك في سنوات مضت والتي أحسست فيها بخفة روحي ونسيم الفجر الساكن، خرجت لأرى شجرة الجيران الفارعة، المتطفلة أغصانها على شُرفتي.<br /><br />تساقطت أوراقها وبدأت تبدل نفسها لتصبح أكثر خضرة وتقبلاً لحر الصيف، تهب الرياح فتساعدها بنقل أطرافها الهشة إلى الأرض. لطالما كانت هذه الشجرة تشبهني وتعلمني دروساً. وقد شاركتني أياماً عديدة وليالٍ طويلة، مثل تلك الليلة الممطرة التي استقبلنا فيها أول نفحات الشتاء، ونهارٌ آخر احتميت بها من شمس الصيف. وحين بدأ الربيع يطرق بابنا، دعوت صديقتي لتشاركني كوب قهوة تحت أغصانها. وتلك الليالي التي كان الجو فيها لطيفاً كنت أستعد لامتحاناتي بجانبها. وأيام كثيرة كنت أجلس وحدي أتأمل كيف كبرت شجرة الجيران معي.<br /><br />حيث لا زلت أذكر اليوم الأول الذي رأيت فيه أغصانها تتسلق الجدار الذي يفصل بيننا وبين البيت المجاور، والآن أصبحت متدليةً بكل بهاء، كأنها شجرة مكتملة قد زرعتها بنفسي في شُرفتي.<br /><br />أعلق عليها أنواراً صغيرة في الليل لتضيء عتمته. والجدير بالذكر هنا هو آخر درس علمتني إياه هذه الشجرة فقد زعمت فقدي لنفسي عدة مرات، ولكن الحقيقة أني رفضت نفسي المتجددة.<br /><br />فالرياح هي الحياة، ويجب عليّ ألا أستاء عندما تتغير أوراقي، لأنني سأصبح أكثر خضرة وتقبلاً لما هو آتِ.<br /><br />الفصول مختلفة، ولن أكون بذات الشكل دائماً. مثل هذه الشجرة، سأستمر في التبدل وأكبر حجماً وروحاً، وألهم أحداً.<br /><br /><br /><br />x:rafaalq@