<br />قبل أيام أرسل لي أحد أصدقاء الطفولة بصورة قديمة كما يبدو من ألوانها الباهتة والأحادية يعني باللونين الأبيض، والأسود فقط. وأرسل لي في ذات الوقت كلام، أو عبارات مكتوبة علي ظهر الصورة.<br />الصورة هي لصديقي مع السيد والده - رحمه الله - وصورت حين كان عمري صديقي العزيز ثلاث أو أربع سنوات، وكانت الصورة جميلة بتفاصيلها الصغيرة حيث يجلس الأب على مقعد مستطيل يتجاوز طوله المترو وعن يمينه يقف الزميل، الأب كما عرفته منذ سنوات طويلة كان له ذقت صغيرة أو ما يسمي السكسوكة وشنب أسود دقيق يقف فوق الشفة العليا للأب، وكان يعتمر غترة بيضاء مسدلة إلى الأسفل من طرفها الأيسر ومرفوعة للخلف من طرفها الأيمن لكي تتيح للابن الظهور وكان يرتدي سروال أو شورت بحمالات وهي لمن لا يعرفها قطعتي قماش على شكل شريط تثبت الشورت في المكان المطلوب، وكان يمسك الطفل في يده اليمنى علبه بسكويت لا يعرفها إلا من عاش شيء من الزمن الماضي .<br />في خلف الصورة كتب بخط قابل للقراءة عبارة، هذه صورة الابن «فلان» وذكر اسم صديقي العزيز، وله من العمر ثلاث سنوات وبضعة أشهر ، وهي ذكرى تدق في عالم النسيان ليتذكر في المستقبل كيف كان يبدو عندما كان طفلاً. وكان هناك توقيع، وتاريخ ميلادي. في الحقيقة استوقفني في الموضوع كله عدة أمور أهمها رغبة الآباء - رحمهم الله وغفر لهم - في تسجيل، ورصد لحظات من أعمار الأبناء وهذا يظهر في اعتقادي اهتمام مبكر يشكر عليه كل أب وأم.<br />الأمر الآخر الذي استوقفني لغة الكتابة وأعتقد أن فيها من التقليدية بعض الشيء لكن هذا لا ينزع عنها صفة توصيل المعنى، وصفة الرقة والجمال في اللغة. حيث أن عبارة « للذكرى» و «جرس يدق في عالم النسيان» كانت رائجة الاستخدام في زمن مضى وكان من الطبيعي أن تكتب تقريباً خلف كل الصور، وأعتقد أن البعض كان يكتبها في المراسلات عندما كان أسلوب كتابة الرسالئل زمر شائع بين الناس. وفي ظني أنها عبارة جميلة توصل معنى عام تعارف عليه الناس وأصبحت مثل العلامة، أو الماركة المسجلة عند الكثيرين.<br />في الختام أعتقد إن الكثيرين يتفقون معي أن الصورة والكتابة رموز لا تفنى عبر الزمن.<br />@salemalyami