<br />في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة والتقنيات المستدامة، برز الليثيوم كواحد من أهم الموارد الاستراتيجية على الإطلاق ويستخدم هذا المعدن الخفيف بشكل رئيسي في صناعة بطاريات الليثيوم أيون، التي تُعد العنصر الأساسي لتشغيل السيارات الكهربائية والأجهزة الذكية.<br />تشير الدراسات العلمية الحديثة إلى أن المملكة العربية السعودية تمتلك احتياطيات هائلة من الليثيوم، مخبأة في حقول النفط والمياه المالحة، مما يضعها في قلب المشهد العالمي للتحول نحو الطاقة النظيفة. وفقاً للبيانات المنشورة، تتركز كميات الليثيوم المكتشفة بالمملكة في المحاليل الملحية الناتجة عن عمليات استخراج النفط، وكذلك في المياه المالحة العميقة. وقد ابتكر علماء من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست» تقنية حديثة لاستخلاص الليثيوم من المحاليل الملحية، حتى بتركيزات منخفضة تصل إلى 20 جزءاً في المليون، دون الحاجة إلى إضافة مواد ملوثة وتمثل هذه التقنية قفزة نوعية، حيث تتيح للمملكة استخراج الليثيوم بطريقة اقتصادية وفعالة، مما يمهد الطريق أمام المملكة للعب دور محوري في أسواق الليثيوم العالمية. استخدام الليثيوم يتجاوز صناعة البطاريات فقط؛ فهو أساسي في تطوير تقنيات الطاقة الشمسية وتخزين الطاقة المتجددة.<br />كما يُستخدم في الصناعات الطبية والزجاج والسيراميك، مما يزيد من أهميته كمورد متعدد الاستخدامات. التوقعات تشير إلى أن الطلب على الليثيوم سيتضاعف بحلول عام 2030، ليصل إلى أكثر من 2 مليون طن سنوياً، مدفوعاً بالتحول العالمي نحو السيارات الكهربائية. وفي هذا السياق، يمكن أن تتحول السعودية إلى أحد الموردين الرئيسيين لليثيوم بعد استغلال احتياطياتها بكفاءة. التنقيب عن الليثيوم في السعودية لا يتطلب فقط تقنيات متطورة، بل يستلزم استثمارات ضخمة. تشير التقديرات إلى أن تطوير تقنيات الاستخلاص وإنشاء مصانع معالجة الليثيوم قد يتطلب استثمارات تصل إلى 1.5 مليار دولار خلال العقد المقبل. ورغم التحديات، فإن العوائد المتوقعة تجعل هذا الاستثمار مجدياً وواعداً، تُقدر قيمة الطن الواحد من كربونات الليثيوم بحوالي 40,000 دولار، ما يعني أن السوق العالمية قد تصل قيمتها إلى 80 مليار دولار سنوياً بحلول 2030، الأرقام والاحتمالات تشير إلى مستقبل واعد للسعودية في مجال الليثيوم. إذا تمكنت المملكة من استغلال هذا المورد بفعالية، فقد تضيف إلى اقتصادها مصدر دخل جديد يعزز خطط التنويع الاقتصادي التي تتبناها رؤية 2030.<br />علاوة على ذلك، فإن توافر الليثيوم محلياً يساعد في تسريع التحول نحو السيارات الكهربائية داخل المملكة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يضع السعودية في موقع الريادة الإقليمية والعالمية في مجال الطاقة النظيفة. ختاماً.. يمكن القول إن الليثيوم قد يكون الذهب الأبيض الجديد للسعودية، حيث يمثل فرصة نادرة لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية. مع ازدياد الطلب العالمي على هذا المعدن، ستلعب السعودية دوراً رئيسياً في تشكيل مستقبل صناعة الطاقة.<br />وإذا استمرت في الاستثمار في البحث والتطوير والتكنولوجيا المتقدمة، فإنها ستصبح من القوى العظمى في سوق الليثيوم العالمية، لتؤكد مرة أخرى أن الصحراء السعودية تخفي كنوزاً تتجاوز كل التوقعات.<br />@malarab1<br />